ولو عاد هذا البدوي إلى أهله وأحس بكجور بما فيه لأعطاه الرغائب على تخليصه ولا نأمن أن يقبل ذاك منه ، والذي طلبه هذا البدوي مبذول له ، وما ضرّنا الإحتياط في التمسك به إلى أن يوافينا فنعطيه حينئذ ، ونفي له بما وعدناه ، فقال : أحسنت يا أبا محمد لله درك ، ولم يمض ساعات حتى عادت النجب مبشرة بحصول بكجور ، ووافى بعدها إقبال الشفيعي وهو معه ، فوقف به من وراء السرادق ، واستأذنه في إدخاله إليه وأنفذ سعد الدولة إلى لؤلؤ وقال له : ما رأيك في بكجور؟ قال : ضرب عنقه لوقته لو جاءت سناء الزينة ستّ الناس ـ يعني أخت سعد الدولة ـ واستوهبته منك فوهبته لها لكان لنا شغل مجدد ، فأمر سعد الدولة فرجا العدلي وكان سيافه فضرب عنقه وعنق ابن الخفاني ، وكان قد حصل في الأسر وحملهما إلى الموضع المعروف بحصن الناعورة فصلبهما بأرجلهما ، وسار سعد الدولة إلى الرقة فنزل عليها وفيها سلامة الرشيقي وأبو الحسن المغربي ، وأولاد بكجور وحرمه وأمواله ، وأرسل سلامة بتسليم البلد فأجابه «فإني عبدك وعبد عبدك إلا أن لبكجور عليّ عهودا ومواثيق لا مخلص لي عند الله منها إلا بأحد أمرين إما أن تذمّ لأولاده على نفوسهم وأموالهم وتقتصر فيما تأخذه على آلات الحرب والعدد ، وتحلف لي ولهم على ذلك ، وإما أن أبلي عذرا عند الله عزوجل فيما عقدته لبكجور» فأجابه سعد الدولة إلى ما اشترطه ، وحلف له يمينا عملها أبو الحسن ابن المغربي ، وكان سعد الدولة قد أباح دمه ، فهرب الى الكوفة ، وأقام بمشهد أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، ولما توثق سلامة (٢٨ و) سلم حصن الرافقة ، وخرج القوم ومعهم من المال والرحل الشيء الكثير ، وسعد الدولة يشاهدهم من وراء سرادقه وبين (يديه) (١) ابن أبي حصين القاضي ، فقال له : ما ظننت
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستعيم الخبر ، وفي زبدة الحلب : ١ / ١٨٠ ـ ١٨١ «وزيره أبو الهيثم بن أبي حصين ... وكان قاضي حلب في أيامه أبا جعفر أحمد بن اسحق».