إلى علي أخيه ولاية طرابلس الشام ، وصرف عنها جيش بن الصمصامة ، فمضى جيش المذكور إلى مصر من غير أن يقصد القائد سلمان ويجتمع معه.
وكان جيش هذا من شيوخ كتامة أيضا إلا أن سلمان كان سيء الرأي فيه لعداوة بينه وبينه ، فلما حصل جيش بمصر (٣٤ و) قصد برجوان سرا وطرح نفسه عليه ، وأعلمه بغض أهل الشام للمغاربة واستيحاشهم منهم ، فأولاه برجوان الجميل قولا ووعدا ، وبذل له المعونة على أمره وتأمل برجوان ما يلي به في الأحوال من الحسن بن عمار وكتامة ، وما خافه على نفسه منهم ، وأن مصر والقاهرة قد خلتا إلا من العدد الأقل منهم ، وامكنته الفرصة فيما يريده منهم فراسل الأتراك والمشارقة ، وقال لهم : قد عرفتم صورتكم وصورة الحاكم مع هؤلاء القوم ، وأنهم قد غلبوا على المال ، وغلبوكم ، ومتى لم ننتهز الفرصة في قلة عددهم ، وضعف شوكتهم ، سبقوكم إلى ما لا يمكنكم تلافيه بعد التفريط فيه واستدراك الغاية منه ، وأوثقهم على الطاعة والمساعدة فبذلوها له ووثقوا له في كل ما يريده ، وأحس الحسن بن عمار بما يريد برجوان ، وشرع فيه وفي الفتك به ، وسبقه إلى ما يحاوله فيه ، ورتب له جماعة في دهليزه ، وواقفهم على الإيقاع به وبشكر إذا دخلا داره ، وكان لبرجوان عيون كثيرة على الحسن بن عمار ، فصاروا إليه وأعلموه ما قد عمل عليه ، واجتمع برجوان وشكر وتفاوضا الرأي بينهما في التحرز مما بلغهما وقررا أن يركبا ، ويركب على أثرهما من الغلمان جماعة ، «فإن أحسوا وأحسينا على باب الحسن ما يريبنا رجعنا وفي ظهورنا من يمنع منّا» فرتبا هذا الأمر وركبا إلى دار الحسن ، وكانت في آخر القاهرة مما يلي الجبل ، فلما قربا من الباب بانت لهما شواهد ما أخبرا به فحذرا وعادا مسرعين ، وجرد الغلمان الذين كانوا معهما سيوفهم ، ودخلا إلى قصر الحاكم يبكيان لديه ويستصرخان به ، وثارث الفتنة واجتمع الأتراك والديلم والمشارقة وعبيد الشراء بالسلاح على باب