على برجوان أمورا أوجبت قتله ، فالزموا الطاعة وحافظوا على ما فيها في رقابكم من البيعة المأخوذة ، فلما قرئت عليهم قبلوا الأرض وقالوا : الأمر لمولانا.
واستدعى الحسين بن جوهر ، وكان من شيوخ الدولة فأمره بصرف الناس فصرفهم ، وعاد الحاكم الى قصره ، وكل من القواد إلى داره والنفوس خائفة من فتنة تحدث بين المشارقة والمغاربة ، وشاع قتل برجوان ، وركب مسعود الحاكمي إلى داره فقبض على جميع ما فيها من أمواله ، وجلس الحاكم وقت العشاء الأخير واستدعى الحسين بن جوهر وأبا العلاء فهد بن ابراهيم الوزير (١) ، وتقدم إليه بإحضار سائر كتّاب الدواوين والأعمال ، ففعل وحضروا وأوصلهم إليه ، وقال لهم : إن هذا فهدا كان أمس كاتب برجوان عبدي وهو اليوم وزيري فاسمعوا له وأطيعوا ووفوه شروطه في التقدم عليكم ، وتوفّروا على مراعاة الأعمال وحراسة الأموال ، وقبل فهد الأرض وقبلوها ، وقالوا : السمع والطاعة لمولانا ، وقال لفهد : أنا حامد لك وراض عنك ، وهؤلاء الكتاب خدمي فاعرف حقوقهم وأجمل معاملتهم ، واحفظ حرمتهم ، وزد في واجب من يستحق الزيادة بكفايته وأمانته ، وتقدم بأن يكتب إلى سائر ولاة البلاد والأعمال بالسبب الواجب لقتل برجوان ، فكتب بما نسخته بعد التصدير ، وما جرت العادة (٣٩ و) بمثله في الخطاب :
أما بعد فإن برجوان أرضى أمير المؤمنين حينا فاستعمله ، ثم أسخطه فقتله ، وأعلمك أمير المؤمنين ذاك لتعلمه وتجري على سننك الحميد في خدمته ، ومذهبك الرشيد في طاعته ومناصحته ، وتسديد ما قبلك من الأمور ، وطالعه بما يتجدد لديك من أحوال الجمهور إن شاء الله.
ونفذت الكتب بذاك ، واستقامت الأحوال على سنن الصواب ، وزال ما خيف من الاختلال والاضطراب.
__________________
(١) حين تسلم برجوان شؤون الدولة مكان ابن عمار صار كاتبه هو أبو العلاء فهد بن ابراهيم بلقب الرئيس. انظر الاشارة إلى من نال الوزارة : ٢٧.