وقال : أريد أن ترتب الخدم في جانبي البستان فإني أقف على بابه ، وأنت بين يدي ، فإذا حضر برجوان دخلت البستان وتبعني وكنت في أثره فإذا نظرت إليك فاضربه بالسكين في ظهره ، وواقف الخدم أن يضعوا عليه ، فبينما هما في الحديث إذ دخل برجوان ، فقال للحاكم : يا أمير المؤمنين الحر شديد والبزاة في مثله لا تصيد ، فقال : صدقت ولكنا ندخل البستان ونطوف فيه ساعة ونخرج ، وأنفذ برجوان إلى شكر ، وكان قد ركب بأن يسير مع الموكب إلى المقس ، والمقس ظاهر القاهرة ، ويقف عند القنطرة «فإن مولانا يخرج من البستان ويتبعك» ، ففعل ودخل الحاكم البستان وبرجوان خلفه وزيدان بعده ، وكان برجوان خادما أبيض اللون ، تام الخلقة ، فبدره زيدان فضربه بين أكتافه بسكين أطلعها من صدره ، فقال : يا مولانا غدرت ، فصاح الحاكم : يا عبيد خذوا رأسه ، وتكاثر الخدم عليه فقتلوه ، وخرج الخدم الكبار مسرعين على ظهور الخيل إلى الجانب ، وبغال الموكب والجوارح ، فردوا جميعها ، فقال لهم شكر : ما السبب في ذلك؟ فلم يجيبوه ، فجاء الناس من هذا الحادث ما لم يكن في الحساب ، وعاد شكر بالموكب وشهر (٣٨ ظ) الجند سيوفهم ، وهم لا يعلمون ما الخبر ، غير أنهم خائفون على الحاكم من حيلة تتم عليه من الحسن بن عمار ، ورجع أكثرهم إلى دورهم ، فلبسوا سلاحهم ووافوا إلى باب القصر ، وتميّز المغاربة والمشارقة وأحدق شكر ، ومن معه من الأتراك والمشارقة بالقصر ، وعلا على شرف القصر الخدم في أيديهم السيوف والتراس ، وعظم الأمر ، واجتمع القواد وشيوخ الدولة ، وأبو العلاء الوزير على باب القصر الزمرد ، فلما رأى الحاكم زيادة الاختلاط ظهر من منظرة على الباب ، وسلم على الناس ، فترجلوا عن دوابهم إلى الأرض وقبلوها بين يديه ، وضربت البوقات والطبول ، وفتح باب القصر واستدعى أصحاب الرسائل ، وسلمت إليهم رقعة قد كتبها بيده إلى شكر وأكابر القواد ، يقول فيها : إنني أنكرت