في جواب الشرط. وأما الذين خبر عن أولئك ، وقوله : فما ربحت ليس بخبر ، فتدخله الفاء ، وإنما هي جملة فعلية معطوفة على صلة الذين ، فهي صلة لأن المعطوف على الصلة صلة ، وقوله وقع الجواب بالفاء في قوله : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ) خطأ ، لأنه ليس بجواب ، إنما الجملة خبر المبتدأ الذي هو ينفقون ، ولا يجوز أن يكون أولئك مبتدأ ، والذين اشتروا مبتدأ ، وفما ربحت تجارتهم خبر عن الذين ، والذين وخبره خبر عن أولئك لعدم الرابط في هذه الجملة الواقعة خبرا لأولئك. ولتحقق مضي الصلة ، وإذا كانت الصلة ماضية ، معنى لم تدخل الفاء في خبر موصولها المبتدأ ، ولا يجوز أن يكون أولئك مبتدأ ، والذين بدل منه ، وفما ربحت خبر لأن الخبر إنما تدخله الفاء لعموم الموصول ، ولإبدال الذين من أولئك ، صار الذين مخصوصا لأنه بدل من مخصوص ، وخبر المخصوص لا تدخله الفاء ، ولأن معنى الآية ليس إلا على كون أولئك مبتدأ والذين خبرا عنه. ونسبة الربح إلى التجارة من باب المجاز لأن الذي يربح أو يخسر إنما هو التاجر لا التجارة ، ولما صور الضلالة والهدى مشترى وثمنا ، رشح هذا المجاز البديع بقوله تعالى : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) ، وهذا من باب ترشيح المجاز ، وهو أن يبرز المجاز في صورة الحقيقة ، ثم يحكم عليه ببعض أوصاف الحقيقة ، فينضاف مجاز إلى مجاز ، ومن ذلك قول الشاعر :
بكى الخز من روح وأنكر جلده |
|
وعجت عجيجا من جذام المطارف |
أقام الخز مقام شخص حين باشر روحا بكى من عدم ملامته ، ثم رشحه بقوله : وأنكر جلده ، ثم زاد في ترشيح المجاز بقوله : وعجب ، أي وصاحت مطارف الخز من قبيل روح هذا ، وهي : جذام. ومعنى البيت : أن روحا وقبيلته جذام لا يصلح لهم لباس الخز ومطارفه ، لأنهم لا عادة لهم بذلك ، فكنى عن التباين بينهما بما كنى فيه في البيت ، ومن ذلك قول الشافعي ، رضياللهعنه :
أيا بومة قد عششت فوق هامتي |
|
على الرغم مني حين طار غرابها |
لما كنى عن الشيب بالبومة فأقبل عليها وناداها ، رشح هذا المجاز بقوله : قد عششت ، لأن الطائر من أفعاله اتخاذ العشة ، وقد أورد الزمخشري في ترشيح المجاز في كشافه مثلا. وقرأ ابن أبي عبلة : تجاراتهم ، على الجمع ، ووجهه أن لكل واحد تجارة ، ووجه قراءة الجمهور على الأفراد أنه اكتفى به عن الجمع لفهم المعنى ، وفي قوله : فما ربحت تجارتهم ، إشعار بأن رأس المال لم يذهب بالكلية ، لأنه إنما نفى الربح ، ونفي الربح لا يدل على انتقاص رأس المال. وأجيب عن هذا بأنه اكتفى بذكر عدم الربح عن