إسحاق البهاري في كتابه (شرح جمل الزجاجي). وقال بعض المفسرين : يكاد فعل ينفي المعنى مع إيجابه ويوجبه مع النفي ، وقد أنشدوا في ذلك شعرا يلغز فيه بها ، وهذا الذي ذكر هذا المفسر هو مذهب أبي الفتح وغيره ، والصحيح عند أصحابنا أنها كسائر الأفعال في أن نفيها نفي وإيجابها إيجاب ، والاحتجاج للمذهبين مذكور في كتب النحو. الخطف : أخذ الشيء بسرعة. كل : للعموم ، وهو اسم جمع لازم للإضافة ، إلا أن ما أضيف إليه يجوز حذفه ويعوض منه التنوين ، وقيل : هو تنوين الصرف ، وإذا كان المحذوف معرفة بقيت كل على تعريفها بالإضافة ، فيجيء منها الحال ، ولا تعرف باللام عند الأكثرين ، وأجاز ذلك الأخفش ، والفارسي ، وربما انتصب حالا ، والأصل فيها أن تتبع توكيدا كأجمع ، وتستعمل مبتدأ ، وكونها كذلك أحسن من كونها مفعولا ، وليس ذلك بمقصور على السماع ولا مختصا بالشعر خلافا لزاعمه. وإذا أضيفت كل إلى نكرة أو معرفة بلام الجنس حسن أن تلي العوامل اللفظية ، وإذا ابتدئ بها مضافة لفظا إلى نكرة طابقت الأخبار وغيرها ما تضاف إليه وإلى معرفة ، فالافصح إفراد العائد أو معنى لا لفظا ، فالأصل ، وقد يحسن الإفراد وأحكام كل كثيرة. وقد ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير الذي سميناه بالتذكرة ، وسردنا منها جملة لينتفع بها ، فإنها تكررت في القرآن كثيرا.
المشي : الحركة المعروفة. لو : عبارة سيبويه ، إنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، وهو أحسن من قول النحويين إنها حرف امتناع لامتناع لاطراد تفسير سيبويه ، رحمهالله ، في كل مكان جاءت فيه لو ، وانخرام تفسيرهم في نحو : لو كان هذا إنسانا لكان حيوانا ، إذ على تفسير الإمام يكون المعنى ثبوت الحيوانية على تقدير ثبوت الإنسانية ، إذ الأخص مستلزم الأعم ، وعلى تفسيرهم ينخرم ذلك ، إذ يكون المعنى ممتنع الحيوانية لأجل امتناع الإنسانية ، وليس بصحيح ، إذ لا يلزم من انتفاء الإنسانية انتفاء الحيوانية ، إذ توجد الحيوانية ولا إنسانية. وتكون لو أيضا شرطا في المستقبل بمعنى أن ، ولا يجوز الجزم بها خلافا لقوم ، قال الشاعر :
لا يلفك الراجوك إلا مظهرا |
|
خلق الكرام ولو تكون عديما |
وتشرب لو معنى التمني ، وسيأتي الكلام على ذلك عند قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ) (١) ، إن شاء الله تعالى ، ولا تكون موصولة بمعنى أن خلافا لزاعم ذلك. شاء :
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٦٧.