بمعنى أراد ، وحذف مفعولها جائز لفهم المعنى ، وأكثر ما يحذف مع لو ، لدلالة الجواب عليه. قال الزمخشري : ولقد تكاثر هذا الحذف في شاء وأراد ، يعني حذف مفعوليهما ، قال : لا يكادون يبرزون هذا المفعول إلا في الشيء المستغرب ، نحو قوله :
فلو شئت أن أبكي دما لبكيته
وقوله تعالى : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ) (١) ، و (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى) (٢) ، انتهى كلامه. قال صاحب التبيان ، وذلك بعد أن أنشد قوله :
فلو شئت أن أبكي دما لبكيته |
|
عليه ولكن ساحة الصبر أوسع |
متى كان مفعول المشيئة عظيما أو غريبا ، كان الأحسن أن يذكر نحو : لو شئت أن ألقى الخليفة كل يوم لقيته ، وسر ذكره أن السامع منكر لذلك ، أو كالمنكر ، فأنت تقصد إلى إثباته عنده ، فإن لم يكن منكرا فالحذف نحو : لو شئت قمت. وفي التنزيل : (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) (٣) ، انتهى. وهو موافق لكلام الزمخشري. وليس ذلك عندي على ما ذهبنا إليه من أنه إذا كان في مفعول المشيئة غرابة حسن ذكره ، وإنما حسن ذكره في الآية والبيت من حيث عود الضمير ، إذ لو لم يذكر لم يكن للضمير ما يعود عليه ، فهما تركيبان فصيحان ، وإن كان أحدهما أكثر. فأحدهما الحذف ودلالة الجواب على المحذوف ، إذ يكون المحذوف مصدرا دل عليه الجواب ، وإذا كانوا قد حذفوا أحد جزأي الإسناد ، وهو الخبر في نحو : لو لا زيد لأكرمتك ، للطول بالجواب ، وإن كان المحذوف من غير جنس المثبت فلأن يحذف المفعول الذي هو فضلة لدلالة الجواب عليه ، إذ هو مقدر من جنس المثبت أولى. والثاني : أن يذكر مفعول المشيئة فيحتاج أن يكون في الجواب ضمير يعود على ما قبله ، نحو قوله تعالى : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ) ، وقول الشاعر :
فلو شئت أن أبكي دما لبكيته
وأما إذا لم يدل على حذفه دليل فلا يحذف ، نحو قوله تعالى : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) و (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ). الشيء : ما صح أن يعلم من وجه ويخبر عنه ، قال سيبويه ، رحمهالله ، وإنما يخرج التأنيث من التذكير ، ألا ترى أن الشيء يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أو أنثى؟ والشيء مذكر ، وهو عندنا مرادف للموجود ،
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢ / ١٧.
(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٤.
(٣) سورة الأنفال : ٨ / ٣١.