فسرت به المماثلة إذ جعل الضمير عائدا على المنزل عليه ، وقد تقدم بيان وجود المثل ، وعلى أنه عائد على المنزل يمكن وجوده في بعض تفاسير المماثلة. فقول الزمخشري : لا مثل ولا نظير مع تفسيره المماثلة في كونه بشرا عربيا أو أميا لم يقرأ الكتب ليس بصحيح ، لأن المماثل في هذا الشيء الخاص موجود.
ولما طلب منهم المعارضة بسورة على تقدير حصولهم في ريب من كونه من عند الله ، لم يكتف بقولهم ذلك بأنفسهم ، حتى طلب منهم أن يدعوا شهداءهم على الاجتماع على ذلك والتظافر والتعاون والتناصر ، فقال : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) ، وفسر هنا ادعوا : باستغيثوا. قال أبو الهيثم : الدعاء طلب الغوث ، دعا : استغاث وباستحضروا دعا فلان فلانا إلى الحاكم ، استحضره ، وشهداؤهم : آلهتهم ، فإنهم كانوا يعتقدون أنهم يشهدون لهم عند الله ، قاله ابن عباس ، والسدي ، ومقاتل ، والفراء ، أو من يشهدهم ويحضرهم من الأعوان والأنصار ، قاله ابن قتيبة. وروي عن ابن عباس ، أو من يشهد لكم ، أن ما تأتون به مثل القرآن ، روي عن مجاهد وكونه جمع شهيد أحسن من جمع شاهد لجريانه على قياس جمع فعيل نحو : هذا ولما في فعيل من المبالغة وكأنه أشار إلى أن يأتوا بشهداء بالغين في الشهادة يصلحون أن تقام بهم الحجة. (مِنْ دُونِ اللهِ) : تتعلق بادعوا ، أي وادعوا من دون الله شهداءكم ، أي لا تستشهدوا بالله فتقولوا : الله يشهد أن ما ندعيه حق ، كما يقول العاجز عن إقامة البينة : بل ادعوا من الناس الشهداء الذين شهادتهم تصحح بها الدعاوي ، فكأنه قال : وادعوا من غير الله من يشهد لكم ، ويحتمل أن يتعلق من دون الله بشهدائكم. والمعنى : ادعوا من اتخذتموهم آلهة من دون الله وزعمتم أنهم يشهدون لكم يوم القيامة أنكم على الحق ، أو أعوانكم من دون الله ، أي من دون أولياء الله الذين يستعينون بهم دون الله ، أو يكون معنى من دون الله : بين يدي الله ، كما قال الأعشى :
تريك القذى من دونها وهي دونه
أي تريك القذى قدامها ، وهي قدام القذى لرقتها وصفائها. وأمره تعالى إياهم بالمعارضة وبدعاء الأنصار والأعوان ، مع علمه أنهم لا يقدرون على ذلك ، أمر تهكم وتعجيز. وقد بين تعالى بعد ذلك أن ذلك لا يقع منهم سيما تفسير الشهداء بآلهتهم لأنها جماد لا تنطق ، فالأمر بأن يستعينوا بما لا ينطق في معارضة المعجز غاية التهكم بهم ، فظاهر قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) معناه : في كونكم في ريب من المنزل على عبدنا أنه من عندنا ، وقيل : فيما تقتدرون عليه من المعارضة. وقد حكى عنهم في آية أخرى : (لَوْ نَشاءُ