المتعدي ، وأل فيه للغلبة ، كهي في الصعق ، فهو وصف لم يستعمل في غير الله ، كما لم يستعمل اسمه في غيره ، وسمعنا مناقبه ، قالوا : رحمن الدنيا والآخرة ، ووصف غير الله به من تعنت الملحدين ، وإذا قلت الله رحمن ، ففي صرفه قولان ليسند أحدهما إلى أصل عام ، وهو أن أصل الاسم الصرف ، والآخر إلى أصل خاص ، وهو أن أصل فعلان المنع لغلبته فيه. ومن غريب ما قيل فيه إنه أعجمي بالخاء المعجمة فعرب بالحاء ، قاله ثعلب.
(الرَّحِيمِ) : فعيل محوّل من فاعل للمبالغة ، وهو أحد الأمثلة الخمسة ، وهي : فعال ، وفعول ، ومفعال ، وفعيل ، وفعل ، وزاد بعضهم فعيلا فيها : نحو سكير ، ولها باب معقود في النحو ، قيل : وجاء رحيم بمعنى مرحوم ، قال العملس بن عقيل :
فأما إذا عضت بك الأرض عضة |
|
فإنك معطوف عليك رحيم |
قال علي ، وابن عباس ، وعلي بن الحسين ، وقتادة ، وأبو العالية ، وعطاء ، وابن جبير ، ومحمد بن يحيى بن حبان ، وجعفر الصادق ، الفاتحة مكية ، ويؤيده (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (١). والحجر مكية ، بإجماع. وفي حديث أبي : إنها السبع المثاني والسبع الطوال ، أنزلت بعد الحجر بمدد ، ولا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة ، وما حفظ أنه كانت في الإسلام صلاة بغير (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). وقال أبو هريرة ، وعطاء بن يسار ، ومجاهد ، وسواد بن زياد ، والزهري ، وعبد الله بن عبيد بن عمير : هي مدنية ، وقيل إنها مكية مدنية.
الباء في بسم الله للاستعانة ، نحو كتبت بالقلم ، وموضعها نصب ، أي بدأت ، وهو قول الكوفيين ، وكذا كل فاعل بدىء في فعله بالتسمية كان مضمرا لا بدأ ، وقدره الزمخشري فعلا غير بدأت وجعله متأخرا ، قال : تقديره بسم الله أقرأ أو أتلو ، إذ الذي يجيء بعد التسمية مقروء ، والتقديم على العامل عنده يوجب الاختصاص ، وليس كما زعم. قال سيبويه ، وقد تكلم على ضربت زيدا ما نصه : وإذا قدمت الاسم فهو عربي جيد كما كان ذلك ، يعني تأخيره عربيا جيدا وذلك قولك زيدا ضربت. والاهتمام والعناية هنا في التقديم والتأخير ، سواء مثله في ضرب زيد عمر ، أو ضرب زيدا عمر ، وانتهى ، وقيل موضع اسم رفع التقدير ابتدائي بأبت ، أو مستقر باسم الله ، وهو قول البصريين ، وأي التقديرين أرجح يرجح الأول ، لأن الأصل في العمل للفعل ، أو الثاني لبقاء أحد جزأي الإسناد.
__________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ٨٥.