والاسم هو اللفظ الدال بالوضع على موجود في العيان ، إن كان محسوسا ، وفي الأذهان ، إن كان معقولا من غير تعرض ببنيته للزمان ، ومدلوله هو المسمى ، ولذلك قال سيبويه : (فالكل اسم وفعل وحرف) ، والتسمية جعل ذلك اللفظ دليلا على ذلك المعنى ، فقد اتضحت المباينة بين الاسم والمسمى والتسمية. فإذا أسندت حكما إلى اسم ، فتارة يكون إسناده إليه حقيقة ، نحو : زيد اسم ابنك ، وتارة لا يصح الإسناد إليه إلا مجازا ، وهو أن تطلق الاسم وتريد به مدلوله وهو المسمى ، نحو قوله تعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) (١) ، و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) (٢) ، و (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) (٣). والعجب من اختلاف الناس ، هل الاسم هو عين المسمى أو غيره ، وقد صنف في ذلك الغزالي ، وابن السيد ، والسهيلي وغيرهم ، وذكروا احتجاج كل من القولين ، وأطالوا في ذلك. وقد تأول السهيلي ، رحمهالله ، قوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) بأنه أقحم الاسم تنبيها على أن المعنى سبح ربك ، واذكر ربك بقلبك ولسانك حتى لا يخلو الذكر والتسبيح من اللفظ باللسان ، لأن الذكر بالقلب متعلقه المسمى المدلول عليه بالاسم ، والذكر باللسان متعلقه اللفظ. وقوله تعالى : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً) بأنها أسماء كاذبة غير واقعة على حقيقة ، فكأنهم لم يعبدوا إلا الأسماء التي اخترعوها ، وهذا من المجاز البديع. وحذفت الألف من بسم هنا في الخط تخفيفا لكثرة الاستعمال ، فلو كتبت باسم القاهر أو باسم القادر. فقال الكسائي والأخفش : تحذف الألف. وقال الفراء : لا تحذف إلا مع (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، لأن الاستعمال إنما كثر فيه ، فأما في غيره من أسماء الله تعالى فلا خلاف في ثبوت الألف.
والرحمن صفة الله عند الجماعة. وذهب الأعلم وغيره إلى أنه بدل ، وزعم أن الرحمن علم ، وإن كان مشتقا من الرحمة ، لكنه ليس بمنزلة الرحيم ولا الراحم ، بل هو مثل الدبران ، وإن كان مشتقا من دبر صيغ للعلمية ، فجاء على بناء لا يكون في النعوت ، قال : ويدل على علميته ووروده غير تابع لاسم قبله ، قال تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٤) (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ) (٥) وإذا ثبتت العلمية امتنع النعت ، فتعين البدل. قال أبو زيد السهيلي : البدل فيه عندي ممتنع ، وكذلك عطف البيان ، لأن الاسم الأول لا يفتقر
__________________
(١) سورة الرحمن : ٥٥ / ٧٨.
(٢) سورة طه : ٢٠ / ٥.
(٣) سورة الأعلى : ٨٧ / ١.
(٤) سورة الرحمن : ٥٥ / ١.
(٥) سورة يوسف : ١٢ / ٤٠.