أو عائد على القتيل ، أي ، فقلنا : اضربوا القتيل ببعضها. الظاهر أنهم أمروا أن يضربوه بأي بعض كان ، فقيل : ضربوه بلسانها ، أو بفخذها اليمنى ، أو بذنبها ، أو بالغضروف ، أو بالعظم الذي يلي الغضروف ، وهو أصل الأذن ، أو بالبضعة التي بين الكتفين ، أو بالعجب ، وهو أصل الذنب ، أو بالقلب واللسان معا ، أو بعظم من عظامها ، قاله أبو العالية. والباء في ببعضها للآلة ، كما تقول : ضربت بالقدوم ، والضمير عائد على البقرة ، أي ببعض البقرة. وفي الكلام حذف يدل عليه ما بعده وما قبله ، التقدير : فضربوه فحيي ، دل على ضربوه قوله تعالى : (اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) ، ودل على فحيي قوله تعالى : (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى). ونقل أن الضرب كان على جيد القتيل ، وذلك قبل دفنه ، ومن قال : إنهم مكثوا في طلبها أربعين سنة ، أو من يقول : إنهم أمروا بطلبها ، ولم تكن في صلب ولا رحم ، فلا يكون الضرب إلا بعد دفنه. قيل : على قبره ، والأظهر أنه المباشر بالضرب لا القبر. وروي أنه قام وأوداجه تشخب دما ، وأخبر بقاتله فقال : قتلني ابن أخي ، فقال بنو أخيه : والله ما قتلناه ، فكذبوا بالحق بعد معاينته ، ثم مات مكانه. وفي بعض القصص أنه قال : قتلني فلان وفلان ، لا بني عمه ، ثم سقط ميتا ، فأخذا وقتلا ، ولم يورثوا قاتلا بعد ذلك. وقال الماوردي : كان الضرب بميت لا حياة فيه ، لئلا يلتبس على ذي شبهة أن الحياة إنما انقلبت إليه مما ضرب به لتزول الشبهة وتتأكد الحجة.
(كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) : إن كان هذا خطابا للذين حضروا إحياء القتيل ، كان ثم إضمار قول : أي وقلنا لهم كذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة. وقدّره الماوردي خطابا من موسى ، على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وإن كان لمنكري البعث في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيكون من تلوين الخطاب. والمعنى : كما أحيي قتيل بني إسرائيل في الدنيا ، كذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة ، وإلى هذا ذهب الطبري ، والظاهر هو الأول ، لانتظام الآي في نسق واحد ، ولئلا يختلف خطاب (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، وخطاب (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) ، لأن ظاهر قلوبكم أنه خطاب لبني إسرائيل. والكاف من كذلك صفة لمصدر محذوف منصوب بقوله : (يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) ، أي إحياء مثل ذلك الإحياء ، يحيي الله الموتى ، والمماثلة إنما هي في مطلق الإحياء لاقى كيفية الإحياء ، فيكون ذلك إشارة إلى إحياء القتيل. وجعل صاحب المنتخب ذلك إشارة إلى نفس القتيل ، ويحتاج في تصحيح ذلك إلى حذف مضاف ، أي مثل إحياء ذلك القتيل ، يحيي الله الموتى ، فجعله إشارة إلى المصدر أولى وأقل تكلفا. وإذا كان ذلك خطابا لبني إسرائيل الحاضرين إحياء القتيل ،