أيضا صفة ، لا أن أصله مصدر ، بل يكون كالحلو والمرّ ، فيكون الحسن والحسن لغتين ، كالحزن والحزن ، والعرب والعرب. وقيل : انتصب على المصدر من المعنى ، لأن المعنى : وليحسن قولكم حسنا. وأما من قرأ : حسنا بفتحتين ، فهو صفة لمصدر محذوف ، أي وقولوا للناس قولا حسنا. وأما من قرأ بضمتين ، فضمة السين إتباع لضمة الحاء. وأما من قرأ : حسنى ، فقال ابن عطية : رده سيبويه ، لأن أفعل وفعلى لا يجيء إلا معرفة ، إلا أن يزال عنها معنى التفضيل ويبقى مصدرا ، كالعقبى ، فذلك جائز ، وهو وجه القراءة بها. انتهى كلامه. وفي كلامه ارتباك ، لأنه قال : لأن أفعل وفعلى لا يجيء إلا معرفة ، وليس على ما ذكر. أما أفعل فله استعمالات : أحدها : أن يكون بمن ظاهرة ، أو مقدرة ، أو مضافا إلى نكرة ، فهذا لا يتعرف بحال ، بل يبقى نكرة. والاستعمال الثاني : أن يكون بالألف واللام ، فإذ ذاك يكون معرفة بهما. الثالث : أن يضاف إلى معرفة ، وفي التعريف بتلك الإضافة خلاف ، وذلك نحو : أفضل القوم. وأما فعلى فلها استعمالان : أحدهما : بالألف واللام ، ويكون معرفة بهما. والثاني : بالإضافة إلى معرفة نحو : فضلى النساء. وفي التعريف بهذه الإضافة الخلاف الذي في أفعل ، فقول ابن عطية : لأن أفعل وفعلى لا يجيء إلا معرفة ، ليس بصحيح. وقوله : إلا أن يزال عنها معنى التفضيل ، ويبقى مصدرا ، فيكون فعلى الذي هو مؤنث أفعل ، إذا أزلت منه معنى التفضيل يبقى مصدرا ، وليس كذلك ، بل لا ينقاس مجيء فعلى مصدرا إنما جاءت منه أليفاظ يسيرة. فلا يجوز أن يعتقد في فعلى ، التي مذكرها أفعل ، أنها تصير مصدرا إذا زال منها معنى التفضيل. ألا ترى أن كبرى وصغرى وجلى وفضلى ، وما أشبه ذلك ، لا ينقاس جعل شيء منها مصدرا بعد إزالة معنى التفضيل؟ بل الذي ينقاس على رأي أنك إذا أزلت منها معنى التفضيل ، صارت بمعنى : كبيرة وصغيرة وجليلة وفاضلة. كما أنك إذا أزلت من مذكرها معنى التفضيل ، كان أكبر بمعنى كبير ، وأفضل بمعنى فاضل ، وأطول بمعنى طويل. ويحتمل أن يكون الضمير في عنها عائدا إلى حسنى ، لا إلى فعلى ، ويكون استثناء منقطعا ، كأنه قال : إلا أن يزال عن حسنى ، وهي اللفظة التي قرأها أبي وطلحة معنى التفضيل ، ويبقى مصدرا ، ويكون معنى الكلام إلا إن كانت مصدرا ، كالعقبى. ومعنى قوله : وهو وجه القراءة بها ، أي والمصدر وجه القراءة بها. وتخريج هذه القراءة على وجهين : أحدهما : المصدر ، كالبشرى ، ويحتاج ذلك إلى نقل أن العرب تقول : حسن حسنى ، كما تقول : رجع رجعى ، وبشر بشرى ، إذ مجيء فعلى كما ذكرنا مصدرا لا ينقاس. والوجه الثاني : أن يكون صفة