الثواب ، ولم يعلموا استحقاق العذاب. وجواب لو محذوف تقديره : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ). ذمّ ذلك لما باعوا أنفسهم.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا) : قد تقدّم الكلام في لو وأقسامها ، وهي هنا حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، ويأتي الكلام على جوابها إن شاء الله. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) تمنيا لإيمانهم ، على سبيل المجاز ، عن إرادة الله ، إيمانهم واختيارهم له ، كأنه قيل : وليتهم آمنوا ، ثم ابتدئ : (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ) ، انتهى. فعلى هذا لا يكون للو جواب لازم ، لأنها قد تجاب إذا كانت للتمني بالفاء ، كما يجاب ليت. إلا أن الزمخشري دس في كلامه هذا ، ويحرجه مذهبه الاعتزالي ، حيث جعل التمني كناية عن إرادة الله ، فيكون المعنى : أن الله أراد إيمانهم ، فلم يقع مراده ، وهذا هو عين مذهب الاعتزال ، والطائفة الذين سموا أنفسهم عدلية :
قالوا يريد ولا يكون مراده |
|
عدلوا ولكن عن طريق المعرفة |
وأنهم آمنوا ، يتقدّر بمصدر كأنه قيل : ولو إيمانهم ، وهو مرفوع. فقال سيبويه : هو مرفوع بالابتداء ، أي ولو إيمانهم ثابت. وقال المبرد : هو مرفوع على الفاعلية ، أي ولو ثبت إيمانهم. ففي كل من المذهبين حذف للمسند ، وإبقاء المسند إليه. والترجيح بين المذهبين مذكور في علم النحو ، والضمير في أنهم لليهود ، أو الذين يعلمون السحر ، قولان. والإيمان والتقوى : الإيمان التام ، والتقوى الجامعة لضروبها ، أو الإيمان بمحمد وبما جاء به ، وتقوى الكفر والسحر ، قولان متقاربان.
(لَمَثُوبَةٌ) : اللام لام الابتداء ، لا الواقعة في جواب لو ، وجواب لو محذوف لفهم المعنى ، أي لا ثيبوا ، ثم ابتدأ على طريق الإخبار الاستئنافي ، لا على طريق تعليقه بإيمانهم وتقواهم ، وترتبه عليهما ، هذا قول الأخفش ، أعني أن الجواب محذوف. وقيل : اللام هي الواقعة في جواب لو ، والجواب : هو قوله : (لَمَثُوبَةٌ) ، أي الجملة الاسمية. والأول اختيار الراغب ، والثاني اختيار الزمخشري. قال : أوثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب لو ، لما في ذلك من الدلالة على ثبوت المثوبة واستقرارها ، كما عدل عن النصب إلى الرفع في : سلام عليكم لذلك ، انتهى كلامه. ومختاره غير مختار ، لأنه لم يعهد في لسان العرب وقوع الجملة الابتدائية جوابا للو ، إنما جاء هذا المختلف في تخريجه. ولا تثبت القواعد الكلية بالمحتمل ، وليس مثل سلام عليكم ، لثبوت رفع سلام