كانت موصولة ، لأن الخبر مضارع قد دخلته الفاء تشبيها ، للموصول باسم الشرط. فكما لا يفسر الجزاء ، كذلك لا يفسر الخبر المشبه بالجزاء. وأما إذا كان أمرا ، أعني الخبر نحو : زيدا فاضربه ، فيجوز أن يفسر ، ولا يجوز أن تقول : زيدا فتضربه على الاشتغال ، ولجواز : زيدا فاضربه على الأمر ، علة مذكورة في كتب النحو. قال أبو البقاء : لا يجوز أن تكون من مبتدأ ، وفأمتعه الخبر ، لأن الذي لا يدخل الفاء في خبرها ، إلا إذا كان الخبر مستحقا لصلتها ، كقولك : الذي يأتيني فله درهم. والكفر لا يستحق به التمتع. فإن جعلت الفاء زائدة على قول الأخفش جاز ، أو الخبر محذوفا ، وفأمتعه دليل عليه جاز ، تقديره : ومن كفر أرزقه فأمتعه. ويجوز أن تكون من شرطية والفاء جوابها. وقيل : الجواب محذوف تقديره : ومن يكفر ارزق. ومن على هذا رفع بالابتداء ، ولا يجوز أن تكون منصوبة ، لأن أداة الشرط لا يعمل فيها جوابها ، بل الشرط. انتهى كلامه. وقوله أولا لا يجوز كذا وتعليله ليس بصحيح ، لأن الخبر مستحق بالصلة ، لأن التمتع القليل والصيرورة إلى النار مستحقان بالكفر. ثم إنه قد ناقض أبو البقاء في تجويزه أن تكون من شرطية والفاء جوابها. وهل الجزاء إلا مستحق بالشرط ومترتب عليه؟ فكذلك الخبر المشبه به أيضا. فلو كان التمتع قليلا ليس مستحقا بالصلة ، وقد عطف عليه ما يستحق بالصلة ، ناسب أن يقع خبرا من حيث وقع جزاء ، وقد جوّز هو ذلك. وأما تقدير زيادة الفاء ، وإضمار الخبر ، وإضمار جواب الشرط ، إذا جعلنا من شرطية ، فلا حاجة إلى ذلك ، لأن الكلام منتظم في غاية الفصاحة دون هذا الإضمار. وإنما جرى أبو البقاء في إعرابه في القرآن على حد ما يجري في شعر الشنفري والشماخ ، من تجويز الأشياء البعيدة والتقادير المستغنى عنها ، ونحن ننزه القرآن عن ذلك. وقال الزمخشري : ومن كفر : عطف على من آمن ، كما عطف ومن ذريتي على الكاف في جاعلك. انتهى كلامه. وتقدم لنا الردّ عليه في زعمه أن ومن ذريتي عطف على الكاف في جاعلك. وأما عطف من كفر على من آمن فلا يصح ، لأنه يتنافى في تركيب الكلام ، لأنه يصير المعنى : قال إبراهيم : وارزق من كفر ، لأنه لا يكون معطوفا عليه حتى يشركه في العامل ، ومن آمن العامل فيه فعل الأمر ، وهو العامل في ومن كفر. وإذا قدرته أمرا ، تنافي مع قوله : فأمتعه ، لأن ظاهر هذا إخبار من الله بنسبة التمتع وإلجائهم إليه تعالى ، وأن كلا من الفعلين يضمن ضمير الله تعالى ، وذلك لا يجوز إلا على بعد ، بأن يكون بعد الفاء قول محذوف فيه ضمير لله تعالى ، أي قال إبراهيم : وارزق من كفر ، فقال الله : أمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار. ثم ناقض الزمخشري قوله هذا ، أنه عطف على من ، كما عطف