كلام قد تقدم صدره ، وهذا منه. ومنه : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ). انتهى ، وهذا أيضا قول غريب. وتلخص أن أم هنا فيها ثلاثة أقوال : (المشهور) أنها هنا منقطعة بمعنى بل والهمزة. (الثاني) : أنها للإضراب فقط ، بمعنى بل. (الثالث) : بمعنى همزة الاستفهام فقط.
وقال الزمخشري : الخطاب للمؤمنين بمعنى : ما شاهدتم ذلك ، وإنما حصل لكم العلم به من طريق الوحي. وقيل : الخطاب لليهود ، لأنهم كانوا يقولون : ما مات نبي إلا على اليهودية ، إلا أنهم لو شهدوه ، ولو سمعوا ما قاله لبنيه ، وما قالوه ، لظهر لهم حرصه على ملة الإسلام ، ولما ادعوا عليه اليهودية. فالآية منافية لقولهم ، فكيف يقال لهم : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ)؟ ولكن الوجه أن تكون أم متصلة ، على أن يقدر قبلها محذوف ، كأنه قيل : أتدعون على الأنبياء اليهودية؟ (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ)؟ يعني أن أوائلكم من بني إسرائيل كانوا مشاهدين له ، إذ أراد بنيه على التوحيد وملة الإسلام ، فما لكم تدعون على الأنبياء ما هم منه برآء؟ انتهى كلامه. وملخصه : أنه جعل أم متصلة ، وأنه حذف قبلها ما يعادلها ، ولا نعلم أحدا أجاز حذف هذه الجملة ، ولا يحفظ ذلك ، لا في شعر ولا غيره ، فلا يجوز : أم زيد؟ وأنت تريد : أقام عمرو أم زيد؟ ولا أم قام خالد؟ وأنت تريد : أخرج زيد؟ أم قام خالد؟ والسبب في أنه لا يجوز الحذف. إن الكلام في معنى : أي الأمرين وقع؟ فهي في الحقيقة جملة واحدة. وإما يحذف المعطوف عليه ويبقى المعطوف مع الواو والفاء ، إذا دل على ذلك دليل نحو قولك : بلى وعمرا ، جوابا لمن.
قال : ألم تضرب زيدا؟ ونحو قوله تعالى : (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) (١) ، أي فضرب فانفجرت. وندر حذف المعطوف عليه مع أو ، نحو قوله :
فهل لك أو من والد لك قبلنا
أراد : فهل لك من أخ أو من والد؟ ومع حتى على نظر فيه في قوله :
فيا عجبا حتى كليب تسبني
أي : يسبني الناس حتى كليب ، لكن الذي سمع من كلام العرب حذف أم المتصلة مع المعطوف ، قال :
دعاني إليها القلب إني لأمرها |
|
سميع فما أدري أرشد طلابها |
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٦٠.