وفعلا ، وقيل : داخلون في حكم الإسلام ، وقيل : منقادون ، وقيل : مخلصون. وله متعلق بمسلمون ، وتأخر عنه العامل لأجل الفواصل ، أو تقدّم له للاعتناء بالعائد على الله تعالى لما نزل قوله : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ) الآية ، قرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم على اليهود والنصارى وقال : «الله أمرني بهذا». فلما سمعوا بذكر عيسى أنكروا وكفروا. وقالت النصارى : إن عيسى ليس بمنزلة سائر الأنبياء ، ولكنه ابن الله تعالى ، فأنزل الله : (فَإِنْ آمَنُوا) الآية. والضمير في آمنوا عائد على من عاد عليه في قوله : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى). ويجوز أن يكون الخطاب خاصا ، والمراد به العموم ، ويجوز أن يكون عائدا على كل كافر ، فيفسره المعنى.
وقرأ الجمهور : (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ). وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس : بما آمنتم به. وقرأ أبيّ : بالذي آمنتم به ، وقال ابن عباس : ليس لله مثل. وهذا يدل على إقرار الباء على حالها في آمنت بالله ، وإطلاق ما على الله تعالى. كما ذهب إليه بعضهم في قوله : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) (١) ، يريد ومن بناها على قوله. وقراءة أبيّ ظاهرة ، ويشمل جميع ما آمن به المؤمنون. وأما قراءة الجمهور ، فخرجت الباء على الزيادة ، والتقدير : إيمانا مثل إيمانكم ، كما زيدت في قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (٢).
وسود المحاجر لا يقرأن بالسور
(وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٣) ، وتكون ما مصدرية. وقيل : ليست بزائدة ، وهي بمعنى على ، أي فإن آمنوا على مثل ما آمنتم به ، وكون الباء بمعنى على ، قد قيل به ، وممن قال به ابن مالك ، قال ذلك في قوله تعالى : (مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ) (٤) ، أي على قنطار. وقيل : هي للاستعانة ، كقولك : عملت بالقدوم ، وكتبت بالقلم ، أي فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم ، وذلك فرار من زيادة الباء ، لأنه ليس من أماكن زيادة الباء قياسا. والمؤمن به على هذه الأوجه الثلاثة محذوف ، التقدير : فإن آمنوا بالله ، ويكون الضمير في به عائدا على ما عاد عليه قوله : (وَنَحْنُ لَهُ) ، وهو الله تعالى. وقيل : يعود على ما ، وتكون إذ ذاك موصولة. وأما مثل ، فقيل : زائدة ، والتقدير : فإن آمنوا بما آمنتم به ، قالوا : كهي في قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٥) ، أي ليس كهو شيء ، وكقوله :
__________________
(١) سورة الشمس : ٩١ / ٥.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ٢٥.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٩٥.
(٤) سورة آل عمران : ٣ / ٧٥.
(٥) سورة الشورى : ٤٢ / ١١.