من المعاني السببية التي تحصل في القلب سبعة وعشرون مرضا ، وهي : الرين ، والزيغ ، والطبع ، والصرف ، والضيق ، والحرج ، والختم ، والإقفال ، والإشراب ، والرعب ، والقساوة ، والإصرار ، وعدم التطهير ، والنفور ، والاشمئزاز ، والإنكار ، والشكوك ، والعمى ، والإبعاد بصيغة اللعن ، والتأبى ، والحمية ، والبغضاء ، والغفلة ، والغمزة ، واللهو ، والارتياب ، والنفاق. وظاهر آيات القرآن تدل على أن هذه الأمراض معان تحصل في القلب فتغلب عليه ، وللقلب أمراض غير هذه من الغل والحقد والحسد ، ذكرها الله تعالى مضافة إلى جملة الكفار. والزيادة تجاوز المقدار المعلوم ، وعلم الله محيط بما أضمروه من سوء الاعتقاد والبغض والمخادعة ، فهو معلوم عنده ، كما قال تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) (١) ، وفي كل وقت يقذف في قلوبهم من ذلك القدر المعلوم شيئا معلوم المقدار عنده ، ثم يقذف بعد ذلك شيئا آخر ، فيصير الثاني زيادة على الأول ، إذا لو لم يكن الأول معلوم المقدار لما تحققت الزيادة ، وعلى هذا المعنى يحمل : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) (٢). وزيادة المرض إما من حيث أن ظلمات كفرهم تحل في قلوبهم شيئا فشيئا ، وإلى هذا أشار بقوله تعالى : (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) (٣) ، أو من حيث أن المرض حصل في قلوبهم بطريق الحسد أو الهم ، بما يجدد الله سبحانه لدينه من علو الكلمة ولرسوله وللمؤمنين من النصر ونفاذ الأمر ، أو لما يحصل في قلوبهم من الرعب ، وإسناد الزيادة إلى الله تعالى إسناد حقيقي بخلاف الإسناد في قوله تعالى : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) ، (أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) (٤).
وقالت المعتزلة : لا يجوز أن تكون زيادة المرض من جنس المزيد عليه ، إذ المزيد عليه هو الكفر ، فتأولوا ذلك على أن يحمل المرض على الغم لأنهم كانوا يغتمون بعلو أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو على منع زيادة الألطاف ، أو على ألم القلب ، أو على فتور النية في المحاربة لأنهم كانت أولا قلوبهم قوية على ذلك ، أو على أن كفرهم كان يزداد بسبب ازدياد التكليف من الله تعالى. وهذه التأويلات كلها إنما تكون إذا كان قوله : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) خبرا ، وإما إذا كان دعاء فلا ، بل يحتمل أن يكون الدعاء حقيقة فيكون دعاء بوقوع زيادة المرض ، أو مجازا فلا تقصد به الإجابة لكون المدعو به واقعا ، بل المراد به السب
__________________
(١) سورة الرعد : ١٣ / ٨.
(٢) سورة التوبة : ٩ / ١٢٥.
(٣) سورة النور : ٢٤ / ٤٠.
(٤) سورة التوبة : ٩ / ١٢٤.