واللعن والنقص ، كقوله تعالى : (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (١) ، (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (٢) ، وكقوله : لعن الله إبليس وأخزاه ، ومعلوم أن ذلك قد وقع ، وأنه قد باء بخزي ولعن لا مزيد عليه لأنه لا انتهاء له ، وتنكير مرض من قوله : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) لا يدل على أن جميع أجناس المرض في قلوبهم ، كما زعم بعض المفسرين ، لأن دلالة النكرة على ما وضعت له إنما هي دلالة على طريقة البدل ، لأنها دلالة تنتظم كل فرد فرد على جهة العموم ، ولم يحتج إلى جمع مرض لأن تعداد المحال يدل على تعداد الحال عقلا ، فاكتفى بالمفرد عن الجمع ، وتعدية الزيادة إليهم لا إلى القلوب ، إذ قال تعالى : (فَزادَهُمُ) ، ولم يقل : فزادها ، يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون على حذف مضاف ، أي فزاد الله قلوبهم مرضا ، والثاني : أنه زاد ذواتهم مرضا لأن مرض القلب مرض لسائر الجسد ، فصح نسبة الزيادة إلى الذوات ، ويكون ذلك تنبيها على أن في ذواتهم مرضا ، وإنما أضاف ذلك إلى قلوبهم لأنها محل الإدراك والعقل. وأمال حمزة فزادهم في عشرة أفعال ألفها منقلبة عن ياء إلا فعلا واحدا ألفه منقلبة عن واو ووزنه فعل بفتح العين ، إلا ذلك الفعل فإن وزنه فعل بكسر العين ، وقد جمعتها في بيتين في قصيدتي المسماة ، بعقد اللآلي في القراءات السبع العوالي ، وهما :
وعشرة أفعال تمال لحمزة |
|
فجاء وشاء ضاق ران وكملا |
بزاد وخاب طاب خاف معا |
|
وحاق زاغ سوى الأحزاب مع صادها فلا |
يعني أنّه قد استثنى حمزة ، (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ) (٣) ، في سورة الأحزاب ، (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ) (٤) ، في سورة ص ، فلم يملها. ووافق ابن ذكوان حمزة على إمالة جاء وشاء في جميع القرآن ، وعلى زاد في أول البقرة ، وعنه خلاف في زاد هذه في سائر القرآن ، وبالوجهين قرأته له ، والإمالة لتميم ، والتفخيم للحجاز. وأليم : تقدم تفسيره. فإذا قلنا إنه للمبالغة فيكون محوّلا من فعل لها ونسبته إلى العذاب مجاز ، لأن العذاب لا يألم ، إنما يألم صاحبه ، فصار نظير قولهم : شعر شاعر ، والشعر لا يشعر إنما الشاعر ناظمه. وإذا قلنا إنه بمعنى : مؤلم ، كما قال عمرو بن معدي كرب :
__________________
(١) سورة المنافقون : ٦٣ / ٤.
(٢) سورة التوبة : ٩ / ١٢٧.
(٣) سورة الأحزاب : ٣٣ / ١٠.
(٤) سورة ص : ٣٨ / ٦٣.