متناول ، قاله الراغب. وقال ابن عطية نحوه ، قال : وفي ذكر البطن تنبيه على مذهبهم ، بأنهم باعوا آخرتهم بحظهم من المطعم الذي لا خطر له ، وعلى هجنتهم بطاعة بطونهم.
(وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : هذا الخبر الثاني عن أولئك ، وظاهره نفي الكلام مطلقا ، أعني مباشرتهم بالكلام ، فيكون ما جاء في القرآن ، أو في السنة ، مما ظاهره أنه تعالى يحاورهم بالكلام ، متأولا بأنه يأمر من يقول لهم ذلك ، نحو قوله تعالى : (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (١) ، ويكون في نفي كلامه تعالى إياهم ، دلالة على الغضب عليهم ، ألا ترى أن من غضب على شخص صرمه وقطع كلامه؟ لأن في التكلم ، ولو كان بشر ، تأنيسا ما والتفاتا إلى المكلم. وقيل : معنى ولا يكلمهم الله : أي يغضب عليهم. وليس المراد نفي الكلام ، إذ قد جاء في غير موضع ما ظاهره : أنه يكلم الكافرين ، قاله الحسن. وقيل : المعنى ليس على العموم ، إذ قد جاء في القرآن ما ظاهره أنه يكلمهم ، كقوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٢) ، والسؤال لا يكون إلا بالتكليم ، وقال : (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ). فالمعنى : لا يكلمهم كلام خير وإقبال وتحية ، وإنما يكلمهم كلاما يشق عليهم. وقيل : المعنى لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية. وقيل : ولا يكلمهم الله ، تعريض بحرمانهم حال أهل الجنة في تكرمة الله إياهم بكلامه. وقيل : المعنى لا يحملهم على الكلام ، لأن من كلمته ، كنت قد استدعيت كلامه ، كأنه قال : لا يستدعي كلامهم فيكون نحو قوله : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٣) ، فنفى الكلام ، وهو يراد ما يلزم عنه ، وهو استدعاء الكلام.
(وَلا يُزَكِّيهِمْ) : هذا هو الخبر الثالث ، والمعنى : لا يقبل أعمالهم كما يقبل أعمال الأزكياء ، أو لا ينزلهم منزلة الأزكياء. وقيل : المعنى لا يصلح أعمالهم الخبيثة. وقيل : المعنى لا يثني عليهم من قولهم : زكى فلانا ، إذا أثنى عليه ، قاله الزجاج. وقيل : لا يطهرهم من دنس كفرهم ، وهو معنى قول بعضهم : لا يطهرهم من موجبات العذاب ، قاله ابن جرير. وقيل : المعنى لا يسميهم أزكياء.
(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) : هذا هو الخبر الرابع لأولئك ، وقد تقدم تفسير قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤) ، في أول السورة. وترتب على الكتمان واشتراء الثمن القليل هذه الأخبار
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٠٨.
(٢) سورة الحجر : ١٥ / ٩٢.
(٣) سورة المرسلات : ٧٧ / ٣٦.
(٤) سورة البقرة : ٢ / ١٠.