ولبيت ومجيء المضاعف على فعل بضم العين شاذ ، استغنوا عنه بفعل نحو : عزّ يعزّ ، وخفّ يخفّ. فما جاء من ذلك شاذا : لبيت ، وسررت ، وفللت ، ودممت ، وعززت. وقد سمع الفتح فيها إلا في : لبيت ، فسمع الكسر كما ذكرنا. الجنف : الجور ، جنف ، بكسر النون ، يجنف ، فهو جنف وجانف عن النحاس ، قال الشاعر :
إني امرؤ منعت أرومة عامر |
|
ضيمي وقد جنفت على خصوم |
وقيل : الجنف : الميل ، ومنه قول الأعشى :
تجانف عن حجر اليمامة ناقتي |
|
وما قصدت من أهلها لسوائكا |
وقال آخر :
هم المولى وإن جنفوا علينا |
|
وأنا من لقائهم لزور |
ويقال : أجنف الرجل ، جاء بالجنف ، كما يقال : ألام الرجل ، أتى بما يلام عليه ، وأخس : أتى بخسيس.
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) قال قتادة ، والربيع ، ومقاتل ، وعوف الأعرابي : نزلت في اليهود والنصارى ، كانت اليهود تصلي للمغرب والنصارى للمشرق ، ويزعم كل فريق ان البرّ ذلك.
وقال ابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد ، والضحاك ، وسفيان : نزلت في المؤمنين ، سأل رجل النبيّ صلىاللهعليهوسلم فنزلت ، فدعاه وتلاها عليه.
وقال بعض المفسرين : كان الرجل إذا نطق بالشهادتين وصلى إلى أي ناحية ثم مات وجبت له الجنة ، فلما هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونزلت الفرائض ، وحدّت الحدود ، وصرفت القبلة إلى الكعبة ، أنزلها الله.
وقيل : سبب نزولها إنكار الكفار على المؤمنين تحويلهم عن بيت المقدس إلى الكعبة ، ومناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة ، لأنها إن كانت في أهل الكتاب ، فقد جرى ذكرهم بأقبح الذكر من كتمانهم ما أنزل الله واشترائهم به ثمنا قليلا ، وذكر ما أعد لهم ، ولم يبق لهم مما يظهرون به شعار دينهم إلّا صلاتهم ، وزعمهم أن ذلك البر ، فردّ عليهم بهذه الآية. وإن كانت في المؤمنين فهو نهي لهم أن يتعلقوا من شريعتهم بأيسر شيء كما تعلق