يجز له أن يعمل ، لأن المصدر من شرط عمله عند البصريين أن يكون مظهرا ، وإذا كان لا يجوز إعمال لفظ مضمر المصدر فمنويه أحرى أن لا يعمل ، وأما قوله : وفيه جواب الشرطين ، فليس بصحيح ، فإنا قد قررنا أن كل شرط يقتضي جوابا على حذفه ، والشيء الواحد لا يكون جوابا لشرطين ، وأما قوله على نحو ما أيد سيبويه.
من يفعل الحسنات الله يحفظه
وهو تحريف على سيبويه ، وإنما سيبويه أيده في كتابه :
من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
والشر بالشر عند الله مثلان |
وأما قوله : بتقدير فعليه لوصية ، أو بتقدير الفاء فقط ، كأنه قال : فالوصية للوالدين ، فكلام من لم يتصفح كلام سيبويه ، فإن سيبويه نص على أن مثل هذا لا يكون إلّا في ضرورة الشعر ، فينبغي أن ينزه كتاب الله عنه.
قال سيبويه : وسألته ، يعنى الخليل ، عن قوله : إن تأتني أنا كريم ، قال : لا يكون هذا إلّا أن يضطر شاعر من قبل : إن أنا كريم ، يكون كلاما مبتدأ ، والفاء وإذا لا يكونان إلّا معلقتين بما قبلها ، فكرهوا أن يكون هذا جوابا حيث لم يشبه الفاء ، وقد قاله الشاعر مضطرا ، وأنشد البيت السابق.
من يفعل الحسنات ...
وذكر عن الأخفش : أن ذلك على إضمار الفاء ، وهو محجوج بنقل سيبويه أن ذلك لا يكون إلّا في اضطرار ، وأجاز بعضهم أن تقام مقام المفعول الذي لم يسم فاعله الجارّ والمجرور الذي هو : عليكم ، وهو قول لا بأس به على ما نقرره ، فنقول : لما أخبر أنه كتب على أحدهم إذا حضره الموت إن ترك خيرا تشوّف السامع لذكر المكتوب ما هو ، فتكون الوصية مبتدأ ، أو خبرا لمبتدأ على هذا التقدير ، ويكون جوابا لسؤال مقدر ، كأنه قيل : ما المكتوب على أحدنا إذا حضره الموت وترك خيرا؟ فقيل : الوصية للوالدين والأقربين هي المكتوبة ، أو : المكتوب الوصية للوالدين والأقربين ، ونظيره : ضرب بسوط يوم الجمعة زيد المضروب أو المضروب زيد ، فيكون هذا جواب بالسؤال مقدر ، كأنه قال : من المضروب؟ وهذا الوجه أحسن ، وأقل تكلفا من الوجه الذي قبله ، وهو أن يكون المفعول الذي لم يسم