قوله : كما ، وجهان أحدهما : أن تكون مصدرية ، وهو الظاهر ، والآخر : أن تكون موصولة ، بمعنى. الذي.
(عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) : ظاهره عموم الذين من قبلنا من الأنبياء وأممهم من آدم إلى زماننا. وقال عليّ : أولهم آدم ، فلم يفترضها عليكم ، يعني : أن الصوم عبادة قديمة أصلية ما أخلى الله أمة من افتراضها عليهم ، فلم يفترضها عليكم خاصة ، وقيل : الذين من قبلنا هم النصارى.
قال الشعبي وغيره : والمصوم معين وهو رمضان فرض على الذين من قبلنا وهم النصارى ، احتاطوا له بزيادة يوم قبله ويوم بعده قرنا بعد قرن حتى بلغوه خمسين يوما ، فصعب عليهم في الحر ، فنقلوه إلى الفصل الشمسي.
قال النقاش : وفي ذلك حديث عن دغفل ، والحسن ، والسدي.
وقيل : بل مرض ملك من ملوكهم ، فنذر إن برىء أن يزيد فيه عشرة أيام ، ثم أخّر سبعة ، ثم آخر ثلاثة ، ورأوا أن الزيادة فيه حسنة بإزاء الخطأ في نقله.
وقيل : كان النصارى أولا يصومون ، فإذا أفطروا فلا يأكلون ولا يشربون ولا يطؤون إذا ناموا ، ثم انتبهوا في الليل ، وكان ذلك في أول الإسلام ، ثم نسخ بسبب عمر ، وقيس بن صرمة. قال السدي أيضا ، والربيع وأبو العالية.
قيل : وكذا كان صوم اليهود ، فيكون المراد : بالذين من قبلنا ، اليهود والنصارى ، وقيل : الذين من قبلنا : هم اليهود خاصة ، فرض علينا كما فرض عليهم ، ثم نسخه الله بصوم رمضان.
قال الراغب : للصوم فائدتان رياضة الإنسان نفسه عن ما تدعوه إليه من الشهوات ، والاقتداء بالملأ الأعلى على قدر الوسع. انتهى. وحكمة التشبيه أن الصوم عبادة شاقة ، فإذا ذكر أنه كان مفروضا على من تقدّم من الأمم سهلت هذه العبادة.
(تَتَّقُونَ) الظاهر : تعلق ، لعل بكتب ، أي : سبب فرضية الصوم هو رجاء حصول التقوى لكم ، فقيل : المعنى تدخلون في زمرة المتقين ، لأن الصوم شعارهم ، وقيل : تجعلون بينكم وبين النار وقاية بترك المعاصي ، فإن الصوم لإضعاف الشهوة وردعها ، كما قال عليهالسلام «فعليه بالصوم فإن الصوم له وجاء».