المكتوب لتعلق الكتب لمن نودي ، فتعلم نفسه أولا أن المنادى هو المكلف ، فيرتقب بعد ذلك لما كلف به.
والألف واللام في : الصيام ، للعهد إن كانت قد سبقت تعبداتهم به ، أو للجنس إن كانت لم تسبق.
وجاء هذا المصدر على فعال ، وهو أحد البنائين الكثيرين في مصدر هذا النوع من الفعل ، وهو فعل الواوي العين ، الصحيح الآخر ، والبناءان هما فعول وفعال ، وعدل عن الفعول وإن كان الأصل لاستثقال الواوين ، وقد جاء منه شيء على الأصل : كالفؤور ، ولثقل اجتماع الواوين همز بعضهم فقال : الفؤور.
(كَما كُتِبَ) الظاهر أن هذا المجرور في موضع الصفة لمصدر محذوف ، أو في موضع الحال على مذهب سيبويه على ما سبق ، أي : كتبا مثل ما كتب أو كتبه ، أي : الكتب منها كتب ، وتكون السببية قد وقع في مطلق الكتب وهو الإيجاب ، وإن كان متعلقه مختلفا بالعدد أو بغيره ، وروي هذا المعنى عن معاذ بن جبل ، وعطاء ، وتكون إذ ذاك ما مصدرية.
وقيل : الكاف في موضع نصب على الحال من الصيام ، أي : مشبها ما كتب على الذين من قبلكم ، وتكون ما موصولة أي : مشبها الذي كتب عليكم ، وذو الحال هو : الصيام ، والعامل فيها العامل فيه ، وهو : كتب عليكم.
وأجاز ابن عطية أن تكون الكاف في موضع صفة لصوم محذوف ، التقدير : صوما كما ، وهذا فيه بعد ، لأن تشبيه الصوم بالكتابة لا يصح ، هذا إن كانت ما مصدرية ، وأما إن كانت موصولة ففيه أيضا بعد ، لأن تشبيه الصوم بالمصوم لا يصح إلّا على تأويل بعيد.
وأجاز بعض النحاة أن تكون الكاف في موضع رفع على أنها نعت لقوله : الصيام ، قال : إذ ليس تعريفه بمستحسن لمكان الإجمال الذي فيه مما فسرته الشريعة ، فلذلك جاز نعته بكما ، إذ لا ينعت بها إلّا النكرات ، فهي بمنزلة : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) انتهى كلامه ، وهو هدم للقاعدة النحوية من وجوب توافق النعت والمنعوت في التعريف والتنكير ، وقد ذهب بعضهم إلى نحو من هذا ، وإن الألف واللام إذا كانت جنسية جاز أن يوصف مصحوبها بالجملة ، وجعل من ذلك قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (١) ولا يقوم دليل على إثبات هدم ما ذهب إليه النحويون ، وتلخص في : ما ، من
__________________
(١) سورة يس : ٣٦ / ٣٧.