بين معمول الصلة وبينها بالخبر الذي هو خير ، لأن تصوموا في موضع مبتدأ ، أي : وصيامكم خير لكم ، ولو قلت : أن يضرب زيدا شديد ، وأن تضرب شديد زيدا ، لم يجز.
وأدغمت فرقة شهر رمضان. قال ابن عطية : وذلك لا تقتضيه الأصول لاجتماع الساكنين فيه ، يعني بالأصول أصول ما قرره أكثر البصريين ، لأن ما قبل الراء في شهر حرف صحيح ، فلو كان في حرف علة لجاز بإجماع منهم ، نحو : هذا ثوب بكر ، لأن فيه لكونه حرف علة مدّا أمّا ولم تقصر لغة العرب على ما نقله أكثر البصريين ، ولا على ما اختاروه ، بل إذا صح النقل وجب المصير إليه ..
(الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) : تقدّم إعرابه ، وظاهره أنه ظرف لإنزال القرآن ، والقرآن يعم الجميع ظاهرا ، ولم يبين محل الإنزال ، فعن ابن عباس أنه أنزل جميعه إلى سماء الدنيا ليلة أربع وعشرين من رمضان ، ثم أنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم منجما.
وقيل : الإنزال هنا هو على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيكون القرآن مما عبر بكله عن بعضه ، والمعنى بدىء بإنزاله فيه على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذلك في الرابع والعشرين من رمضان.
أو تكون الألف واللام فيه لتعريف الماهية ، كما تقول : أكلت اللحم ، لا تريد استغراق الإفراد ، إنما تريد تعريف الماهية. وقيل معنى : (أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) أن جبريل كان يعارض رسول الله صلىاللهعليهوسلم في رمضان بما أنزل الله عليه ، فيمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء قاله الشعبي ؛ فيكون الإنزال عبر به عن المعارضة.
وقيل : أنزل في فرضية صومه القرآن ، وفي شأنه القرآن ، كما تقول : أنزل في عائشة قرآن. والقرآن الذي نزل هو قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) قاله مجاهد ، والضحاك. وقال سفيان بن عيينة : في فضله ، وقيل : المعنى. (أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) أي أنزل من اللوح المحفوظ إلى السفرة في سماء الدنيا في ليلة القدر من عشرين شهرا ، ونزل به جبريل في عشرين سنة. قاله مقاتل.
وروى واثلة بن الأسقع عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان ، والتوراة لست مضين منه ، والإنجيل لثلاث عشرة ، والقرآن لأربع وعشرين». وفي رواية أبي ذر : «نزلت صحف إبراهيم في ثلاث مضين من رمضان ، وإنجيل عيسى في ثمانية عشر» ، والجمع بين الروايتين بأن رواية واثلة أخبر فيها عن ابتداء نزول الصحف والإنجيل ، ورواية أبي ذر أخبر فيها عن انتهاء النزول.