قال الزمخشري : وإنما عدى فعل التكبر بحرف الاستعلاء لكونه مضمنا معنى الحمد ، كأنه قيل : ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم. انتهى كلامه.
وقوله : كأنه قيل : ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ، هو تفسير معنى لا تفسير إعراب ، إذ لو كان تفسير إعراب لم تكن : على ، متعلقا ، بتكبروا المضمنة معنى الحمد ، إنما كانت تكون متعلقة بحامدين التي قدّرها ، والتقدير الإعرابي هو ، أن تقول : كأنه قيل : ولتحمدوا الله بالتكبير على ما هداكم ، كما قدّر الناس في قولهم : قتل الله زيادا عني أي : صرف الله زيادا عني بالقتل ، وفي. قول الشاعر :
ويركب يوم الروع فينا فوارس |
|
بصيرون في طعن الأباهر والكلى |
أي : تحكمون بالبصيرة في طعن الأباهر ، والظاهر في : ما ، أنها مصدرية أي : على هدايتكم ، وجوّزوا أن تكون : ما ، بمعنى الذي ، وفيه بعد ، لأنه يحتاج إلى حذفين أحدهما : حذف العائد على : ما ، أي : على الذي هداكموه وقدّرناه منصوبا لا مجرورا بإلى ، ولا باللام ليكون حذفه أسهل من حذفه مجرورا. والثاني : حذف مضاف به يصح الكلام ، التقدير : على اتباع الذي هداكموه ، وما أشبه هذا التقدير مما يصح به معنى الكلام.
والظاهر أن معنى : هداكم ، حصول الهداية لكم من غير تقييد ، وقيل : المعنى ، هدايتكم لما ضل فيه النصارى من تبديل صيامهم ، وإذا كانت بمعنى : الذي ، فالمعنى على ما أرشدكم إليه من شريعة الإسلام.
(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) هو ترج في حق البشر على نعمة الله في الهداية ، قاله ابن عطية : فيكون الشكر على الهداية ، وقيل : المعنى تشكرون على ما أنعم به من ثواب طاعاتكم.
وقال الزمخشري : ومعنى (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وإرادة أن تشكروا ، فتأول الترجي من الله على معنى الإرادة ، وجعل ابن عطية الترجي من المخلوق ، إذ الترجي حقيقة يستحيل على الله ، فلذلك أوّله الزمخشري بالإرادة ، وجعله ابن عطية من البشر ، والقولان متكافئان ، وإذا كان التكليف شاقا ناسب أن يعقب بترجي التقوى ، وإذا كان تيسيرا ورخصة ناسب أن يعقب بترجي الشكر ، فلذلك ختمت هذه الآية بقوله : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) لأن قبله ترخيص للمريض والمسافر بالفطر ، وقوله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) وجاء عقيب قوله :