(فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) تقدم الكلام على ، الآن ، في قوله : (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) (١) أي : فهذا الزمان ، أي : ليلة الصيام باشروهن ، وهذا أمر يراد به الإباحة لكونه ورد بعد النهي ، ولأن الإجماع انعقد عليه ، والمباشرة في قول الجمهور : الجماع ، وقيل : الجماع فما دونه ، وهو مشتق من تلاصق البشرتين ، فيدخل فيه المعانقة والملامسة. وإن قلنا : المراد به هنا الجماع ، لقوله : الرفث ، ولسبب النزول ، فإباحته تتضمن إباحة ما دونه.
(وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) أي : اطلبوا ، وفي تفسير : ما كتب الله ، أقوال.
أحدها : أنه الولد ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، والضحاك ، والربيع ، والسدي ، والحكم بن عتيبة : لما أبيحت لهم المباشرة أمروا بطلب ما قسم الله لهم وأثبته في اللوح المحفوظ من الولد ، وكأنه أبيح لهم ذلك لا لقضاء الشهوة فقط ، لكن لابتغاء ما شرع الله النكاح له من التناسل : «تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة».
الثاني : هو محل الوطء أي : ابتغوا المحل المباح الوطء فيه دون ما لم يكتب لكم من المحل المحرم لقوله : (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) (٢).
الثالث : هو ما أباحه بعد الحظر ، أي : ابتغوا الرخصة والإباحة ، قاله قتادة : وابن زيد.
الرابع : وابتغوا ليلة القدر ، قاله معاذ بن جبل ، وروي عن ابن عباس. قال الزمخشري : وهو قريب من بدع التفاسير.
الخامس : هو القرآن ، قاله ابن عباس ، والزجاج. أي : ابتغوا ما أبيح لكم وأمرتم به ، ويرجحه قراءة الحسن ، ومعاوية بن قرة : واتبعوا من الاتباع ، ورويت أيضا عن ابن عباس.
السادس : هو الأحوال والأوقات التي أبيح لكم المباشرة فيهنّ ، لأن المباشرة تمتنع في زمن الحيض والنفاس والعدة والردّة.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٧١.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٢.