جوّزه وجزم به ابن عطية ضعيف ، لأن إعمال : لا ، إعمال : ليس ، قليل جدا ، لم يجىء منه في لسان العرب إلّا ما لا بال له ، والذي يحفظ من ذلك قوله :
تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا |
|
ولا وزر مما قضى الله واقيا |
أنشده ابن مالك ، ولا أعرف هذا البيت إلّا من جهته ، وقال النابغة الجعدي :
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا |
|
سواها ولا في حبها متراخيا |
وقال آخر :
أنكرتها بعد أعوام مضين لها |
|
لا الدار دار ولا الجيران جيرانا |
وخرج على ذلك سيبويه قول الشاعر :
من صدّ عن نيرانها |
|
فأنا ابن قيس لا براح |
وهذا كله يحتمل التأويل ، وعلى أن يحمل على ظاهره لا ينتهي من الكثرة بحيث تبنى عليه القواعد ، فلا ينبغي أن يحمل عليه كتاب الله الذي هو أفصح الكلام وأجله ، ويعدل عن الوجه الكثير الفصيح.
وأما قراءة النصب والتنوين فإنها منصوبة على المصادر ، والعامل فيها أفعال من لفظها ، التقدير : فلا يرفث رفثا ، ولا يفسق فسوقا ، ولا يجادل جدالا. و : في الحج ، متعلق بما شئت من هذه الأفعال على طريقة الإعمال والتنازع.
وأما قراءة الفتح في الثلاثة من غير تنوين ، فالخلاف في الحركة ، أهي حركة إعراب أو حركة بناء؟ الثاني قول الجمهور ، والدلائل مذكورة في النحو ، وإذا بنى معها على على الفتح فهل المجموع من لا والمبنى معها في موضع رفع على الابتداء؟ وإن كانت : لا ، عاملة في الاسم النصب على الموضع ، ولا خبر لها ، أو ليس المجموع في موضع مبتدأ؟ بل. لا ، عاملة في ذلك الاسم النصب على الموضع ، وما بعدها خبر : لا ، إذا أجريت مجرى. إن ، في نصب الاسم ورفع الخبر ، قولان للنحويين ، الأول : قول سيبويه ، والثاني : الأخفش ، فعلى هذين القولين يتفرّع إعراب : في الحج ، فيكون في موضع خبر المبتدأ على مذهب سيبويه ، وفي موضع خبر : لا ، على مذهب الأخفش.
وأما قراءة من رفع ونون : فلا رفث ولا فسوق ، وفتح من غير تنوين : ولا جدال ، فعلى ما اخترناه من الرفع على الابتداء ، وعلى مذهب سيبويه : إن المفتوح مع : لا ، في