الخلاف ، وإذا تقرر هذا امتنع أن يكون : في الحج ، في موضع رفع على ما ذكر ابن عطية من الوجهين.
الرابعة : قوله : لأن : لا ، إنما تعمل على بابها فيما تليها ، وخبرها مرفوع باق على حاله من خبر الابتداء ، هذا تعليل لكون : في الحج ، خبرا للكل ، إذ هي في موضع رفع في الوجهين على ما ذهب إليه ، وقد بينا أن ذلك لا يجوز ، لأنها إذا كانت بمعنى : ليس ، كان خبرها في موضع نصب ، ولا يناسب هذا التعليل إلّا كونها تعمل عمل إن فقط ، على مذهب سيبويه لا على مذهب الأخفش ، لأنه على مذهب الأخفش يكون : في الحج ، في موضع رفع بلا ، و : لا ، هي العاملة الرفع ، فاختلف المعرب على مذهبه ، لأن قراءة الرفع هي على الابتداء ، وقراءة الفتح في : ولا جدال ، هي على عمل : لا ، عمل إن.
الخامسة : قوله : وظنّ أبو علي أنها بمنزلة : ليس ، في نصب الخبر وليس كذلك ، هذا الظنّ صحيح ، وهو كما ظنّ ، ويدل عليه أن العرب حين صرحت بالخبر على أن : لا ، بمعنى ليس أتت به منصوبا في شعرها ، فدل على أن ما ظنه أبو علي من نصب الخبر صحيح ، لكنه من الندور بحيث لا تبنى عليه القواعد كما ذكرنا ، فأجازه أبو علي ، مثل هذا في القرآن لا ينبغي.
السادسة : قوله : بل هي والاسم في موضع الابتداء يطلبان الخبر ، و : في الحج ، هو الخبر ، هذا الذي ذكره توكيد لما تقرر قبل من أنها إذا كانت بمعنى : ليس ، إنما تعمل في الاسم الرفع فقط ، وهي والاسم في موضع رفع بالابتداء ، وأن الخبر يكون مرفوعا لذلك المبتدأ ، وقد بينا أن ذلك ليس بصحيح لنصب العرب الخبر إذا كانت بمعنى : ليس ، وعلى تقدير ما قاله لا يمكننا العلم بأنها تعمل عمل ليس في الاسم فقط إذا كان الخبر مرفوعا ، لأنه ليس لنا إلّا صورة : لا رجل قائم ، ولا امرأة. فرجل هنا مبتدأ ، وقائم خبر عنه ، وهي غير عاملة ، وإنما يمتاز كونها بمعنى ليس ، وارتفاع الاسم بها من كونه مبتدأ بنصب الخبر إذا كانت بمعنى ليس ، ورفع الخبر إذا كان ما بعدها مرفوعا بالابتداء ، وإلّا فلا يمكن العلم بذلك أصلا لرجحان أن يكون ذلك الاسم مبتدأ ، والمرفوع بعده خبره.
وقال الزمخشري : وقرأ أبو عمرو ، وابن كثير الأولين بالرفع والآخر بالنصب لأنهما حملا الأولين على معنى النهي ، كأنه قيل : فلا يكونن رفث ولا فسوق ، والثالث على معنى الإخبار بانتفاء الجدال ، كأنه قيل : ولا شك ولا خلاف في الحج ؛ وذلك أن قريشا كانت