ووقت الوقوف من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر بلا خلاف ، وأجمعوا على أن من وقف بالليل فحجه تام ، ولو أفاض قبل الغروب ، وكان وقف بعد الزوال ، فأجمعوا على أن حجه تام ، إلّا مالكا فقال : يبطل حجه.
وروي نحوه عن الزبير ، وقال مالك : ويحج من قابل وعليه هدي ينحره في حجه القابل.
ومن قال : حجه تام ، فقال الحسن : عليه هدي ، وقال ابن جريج : بدنة ، وقال عطاء ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور : عليه دم.
ولو أفاض قبل الغروب ثم عاد إلى عرفة ، فدفع بعد الغروب ، فذهب أبو حنيفة ، والثوري ، وأبو ثور ، إلى أنه لا يسقط الدم. وذهب الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود الطبري إلى أنه لا شيء عليه. وحديث عروة بن مضرس : وأفاض من عرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه ، وقضى تفثه ، موافق لظاهر الآية في عدم اشتراط جزء من الليل إلّا ما صدّ عنه الإجماع من أن الوقوف قبل الزوال لا يجزىء ، وأن من أفاض نهارا لا شيء عليه.
و : من ، قوله : من عرفات ، لابتداء الغاية ، وهي تتعلق : بأفضتم ، وظاهر هذا اللفظ يقتضي عموم عرفات ، فمن أي نواحيها أفاض أجزأه ، ويقتضي ذلك جواز الوقوف ، بأي نواحيها وقف ، والجمهور على أن عرنة من عرفات. وحكى الباجي ، عن ابن حبيب : أن عرنة في الحل ، وعرنة في الحرم ، وقيل : الجدار الغربي من مسجد عرنة لو سقط سقط في بطن عرنة ، ومن قال : بطن عرنة من عرفات ، فلو وقف بها فروي عن ابن عباس ، والقاسم ، وسالم أنه : من أفاض من عرنة لا حج له ، وذكره ابن المنذر عن الشافعي ، وأبو المصعب عن مالك ، وروى خالد بن نوار عن مالك أن حجه تام. ويهريق دما ، وذكره ابن المنذر عن مالك أيضا.
وروي : عرفة كلها موقف ، وارتفعوا عن بطن عرنة ؛ وأكثر الآثار ليس فيها هذا الاستثناء ، فهي كظاهر الآية.
وكيفية الإفاضة أن يسيروا سيرا جميلا ، ولا يطؤا ضعيفا ، ولا يؤذوا ماشيا ، إذ كان صلىاللهعليهوسلم إذا دفع من عرفات أعنق ، وإذا وجد فرجة نص. والعنق : سير سريع مع رفق ، والنص : سير شديد فوق العنق ، قاله الأصمعي ، والنضر بن شميل. ولو تأخر الإمام من غير عذر دفع الناس.