ومعنى إعجاب قوله استحسانه لموافقة ما أنت عليه من الإيمان والخير ، وجاء في الترمذي : «أن في بعض كتب الله أن من عباد الله قوما ألسنتهم من العسل ، وقلوبهم أمرّ من الصبر» ، الحديث.
في الحياة : متعلق بقوله ، أي يعجبك مقالته في معنى الدنيا ، لأن ادعاءه المحبة والتبعية بالباطل يطلب به حظا من حظوظ الدنيا. ولا يريد به الآخرة ، إذ لا تراد الآخرة إلّا بالإيمان الحقيقي ، والمحبة الصادقة ، وقال الزمخشري ، بعد أن ذكر هذا الوجه : ويجوز أن يتعلق بيعجبك أي : قوله حلو ، فيصح : في الدنيا ، فهو يعجبك ولا يعجبك في الآخرة ، لما ترهقه في الموقف من الحبسة واللكنة ، أو لأنه لا يؤذن لهم في الكلام ، فلا يتكلم حتى يعجبك كلامه. انتهى. وفيه بعد.
والذي يظهر أنه متعلق بيعجبك لا على المعنى الذي قاله ، والمعنى أنك تستحسن مقالته دائما في مدة حياته ، إذ لا يصدر منه من القول إلّا ما هو معجب رائق لطيف ، فمقالته في الظاهر معجبة دائما. ألا تراه يعدل عن تلك المقالة الحسنة الرائقة ، إلى مقالة خشنة منافية ، ومع ذلك أفعاله منافية لأقواله الظاهرة ، وأقواله الباطلة مخالفة أيضا لأقواله الظاهرة؟ إذ لا يحمل قوله : يعجبك قوله ، وقوله : (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) إلّا على حالتين : فهو حلو المقالة في الظاهر ، شديد الخصومة في الباطن.
(وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) قرأ الجمهور بضم الياء وكسر الهاء. ونصب الجلالة من : أشهد ، وقرأ أبو حيوة ، وابن محيصن بفتح الياء والهاء ورفع الجلالة ، من شهد ، وقرأ أبي ، وابن مسعود : ويستشهد الله ، والمعنى على قراءة الجمهور ، وتفسير الجمهور ، أنه يحلف بالله ويشهده أنه صادق وقائل حقا ، وأنه محب في الرسول والإسلام ، وقد جاءت الشهادة في معنى القسم في قصة الملاعنة في سورة النور ، قيل : ويكون اسم الله انتصب بسقوط حرف الجر ، والتقدير : ويقسم بالله على ما في قلبه ، وهذا سهو ، لأن الذي يكون يقسم به هو الثلاثي لا الرباعي ، تقول : أشهد بالله لأفعلن ، ولا تقول : أشهد بالله.
والظاهر عندي أن المعنى : أنه يطلع الله على ما في قلبه ، ولا يعلم به أحدا لشدة تكتمه وإخفائه الكفر ، وهو ظاهر قوله : (عَلى ما فِي قَلْبِهِ) ، لأن الذي في قلبه هو خلاف ما أظهر بقوله.
وعلى تفسير الجمهور يحتاج إلى حذف ما يصح به المعنى ، أي : ويحلف بالله على