ويكون المعنى : سل بني إسرائيل عن الآيات التي آتيناهم ، ثم أخبر تعالى أن كثيرا من الآيات آتيناهم.
(مِنْ آيَةٍ) تمييز ل : كم ، ويجوز دخول : من ، على تمييز الاستفهامية والخبرية ، سواء وليها أم فصل بينهما ، والفصل بينهما بجملة ، وبظرف ، ومجرور ، جائز على ما قرر في النحو ، وأجاز ابن عطية أن يكون : من آية ، مفعولا ثانيا : لآتيناهم ، وذلك على التقدير الذي قدّره قبل من جواز نصب : كم ، بفعل محذوف يفسره : آتيناهم ، وعلى التقدير الذي قررناه من أن : كم ، تكون كناية عن قوم أو جماعة ، وحذف تمييزها لفهم المعنى ، فإذا كان كذلك ، فإن كانت : كم ، خبرية فلا يجوز أن تكون : من آية ، مفعولا ثانيا ، لأن زيادة : من ، لا تكون في الإيجاب على مذهب البصريين غير الأخفش ، وإن كانت استفهامية فيمكن أن يقال : يجوز ذلك فيه لانسحاب الاستفهام على ما قبله ، وفيه بعد ، لأن متعلق الاستفهام هو المفعول الأول لا الثاني ، فلو قلت : كم من درهم أعطيته من رجل ، على زيادة : من ، في قولك : من رجل ، لكان فيه نظر ، وقد أمعنا الكلام على زيادة : من ، في (منهج السالك) من تأليفنا.
و : الآيات البينات ، ما تضمنته التوراة والإنجيل من صفة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتحقيق نبوته ، وتصديق ما جاء به ، أو معجزات موسى صلى الله على نبينا وعليه : كالعصا ، واليد البيضاء ، وفلق البحر ، أو : القرآن قصّ الله قصص الأمم الخالية حسبما وقعت على لسان من لم يدارس الكتب ولا العلماء ، ولا كتب ولا ارتجل ، أو معجزات رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كتسبيح الحصى ، وتفجير الماء من بين أصابعه ، وانشقاق القمر ، وتسليم الحجر ، أربعة أقوال ، وقدروا بعد قوله : من آية بينة ، محذوفا ، فقدّره بعضهم : فكذبوا بها ، وبعضهم : فبدلوها.
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ) نعمة الله : الحجج الواضحة الدالة على أمره صلىاللهعليهوسلم يبدل بها التشبيه والتأويلات ، أو ما ورد في كتاب الله من نعته صلىاللهعليهوسلم ، يبدل به نعت الدجال ، أو الاعتراف بنبوته يبدل بها الجحد لها ، أو كتب الله المنزلة على موسى وعيسى على نبينا وعليهمالسلام يبدل بها غير أحكامها كآية الرجم وشبهها ، أو الإسلام. قاله الطبري ؛ أو شكر النعمة يبدل بها الكفر أو آياته وهي أجل نعمة من الله ، لأنها أسباب الهدى والنجاة من الضلالة ، وتبديلهم إياها ، أن الله أظهرها لتكون أسباب هداهم ، فجعلوها أسباب