ضلالتهم ، كقوله : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) (١) قاله الزمخشري : سبعة أقوال.
ولفظ : من يبدل ، عام وهو شرط ، فيندرج فيه مع بني إسرائيل كل مبدل نعمه : ككفار قريش وغيرهم ، فإن بعثة محمد صلىاللهعليهوسلم نعمة عليهم ، وقد بدلوا بالشكر عليها وقبولها الكفر.
(مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) أي : من بعد ما أسديت إليه ، وتمكن من قبولها ، ومن بعد ما عرفها كقوله : (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) (٢) وأتى بلفظ : من ، أشعارا بابتداء الغاية ، وإنه يعقب : ما جاءته ، يبدله. وفي قوله : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) تأكيد ، لأن إمكانية التبديل منه متوقفة على الوصول إليه.
وقرىء : ومن يبدل بالتخفيف ، ويبدل ، يحتاج لمفعولين : مبدل ومبدل له ، فالمبدل هو الذي يتعدى إليه الفعل بحرف جر ، والبدل هو الذي يتعدى إليه الفعل بنفسه ، ويجوز حذف حرف الجر لفهم المعنى ، وتقدم الكلام على هذا في قوله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) (٣) وإذا تقرر هذا ، فالمفعول الواحد هنا محذوف ، وهو البدل ، والأجود أن يقدر مثل ما لفظ به في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) (٤) : فكفرا هو البدل ، ونعمة الله ، هو المبدل ، وهو الذي أصله : أن يتعدى إليه الفعل بحرف الجر ، فالتقدير إذن : ومن يبدل نعمة الله كفرا ، وجاز حذف المفعول الواحد وحرف الجر لفهم المعنى ، ولترتيب جواب الشرط على ما قبله فإنه يدل على ذلك ، لأنه لا يترتب على تقدير : أن يكون النعمة هي البدل ، والكفر هو المبدل أن يجاب بقوله : (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) خبر يتضمن الوعيد ، ومن حذف حرف الجر لدلالة المعنى قوله : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (٥) أي : بسيئاتهم ، ولا يصح أن يكون التقدير : سيئاتهم بحسنات ، فتكون السيئات هي البدل ، والحسنات هي المبدل ، لأن ذلك لا يترتب على قوله : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) (٦) (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) خبر يتضمن الوعيد بالعقاب على من بدل نعمة الله ، فإن كان جواب الشرط فلا بد من تقدير عائد في الجملة على اسم الشرط ، تقديره : فان الله شديد العقاب له ، أو تكون الألف واللام معاقبة للضمير على مذهب
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ١٢٥.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٧٥.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٥٩ ، والأعراف : ٧ / ١٦٢.
(٤) سورة إبراهيم : ١٤ / ٢٨.
(٥ ـ ٦) سورة الفرقان : ٢٥ / ٧٠.