حتى ، في كتاب (التكميل) وأشبعنا الكلام عليها هناك ، وتقدّم الكلام عليها في هذا الكتاب.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) يحتمل معه أن يكون منصوبا بيقول ، ويحتمل أن يكون منصوبا بآمنوا.
(مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) متى : سؤال عن الوقت ، فقيل : ذلك على سبيل الدعاء لله تعالى ، والاستعلام لوقت النصر ، فأجابهم الله تعالى فقال : ألا إن نصر الله قريب ، وقيل : ذلك على سبيل الاستبطاء ، إذ ما حصل لهم من الشدّة والابتلاء والزلزال هو الغاية القصوى ، وتناهى ذلك وتمادى بالمؤمنين إلى أن نطقوا بهذا الكلام ، فقيل : ذلك لهم إجابة لهم إلى طلبهم من تعجيل النصر ، والذي يقتضيه النظر أن تكون الجملتان داخلتين تحت القول ، وأن الجملة الأولى من قول المؤمنين ، قالوا ذلك استبطاء للنصر وضجرا مما نالهم من الشدّة ، والجملة الثانية من قول رسولهم إجابة لهم وإعلاما بقرب النصر ، فتعود كل جملة لمن يناسبها ، وصح نسبة المجموع للمجموع لا نسبة المجموع لكل نوع من القائلين.
وتقدّم نظير هذا في بعض التخاريج لقوله تعالى : (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) (١) وإن قوله : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء من قول إبليس ، وإن قوله : ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك من قول الملائكة عن إبليس ، وكان الجواب ذلك لما انتظم إبليس في الخطاب مع الملائكة في قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٢).
وقالت طائفة : في الكلام تقديم وتأخير ، التقدير : حتى يقول الذين آمنوا متى نصر الله؟ فيقول الرسول : ألا إن نصر الله قريب ، فقدم الرسول في الرتبة لمكانته ، وقدم قول المؤمنين لتقدمه في الزمان.
قال ابن عطية وهذا تحكم وحمل الكلام على وجهه غير متعذر. انتهى. وقوله حسن ، إذ التقديم والتأخير مما يختصان بالضرورة.
وفي قوله : والذين آمنوا ، تفخيم لشأنهم حيث صرح بهم ظاهرا بهذا الوصف
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٣٠.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٣٠.