تزويج الكتابيات ، غير أن مالكا وابن حنبل كرها ذلك مع وجود المسلمات والقدرة على نكاحهن.
واختلف في تزويج المجوسيات ، وقد تزويج حذيفة بمجوسية ، وفي كونهم أهل كتاب خلاف ، وروي عن جماعة أن لهم نبيا يسمى زرادشت ، وكتابا قديما رفع ، روي حديث الكتاب عن علي ، وابن عباس ، وذكر لرفعه وتغيير شريعتهم سبب طويل ، والله أعلم بصحته.
ودلائل هذه المذاهب مذكورة في كتب الفقه ، وظاهر النهي في قوله : ولا تنكحوا التحريم ، وقيل : هو نهي كراهة ، حتى يؤمن ، غاية للمنع من نكاحهنّ ، ومعنى إيمانهنّ اقرارهنّ بكلمتي الشهادة والتزام شرائع الإسلام.
(وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ) الظاهر أنه أريد بالأمة الرقيقة ، ومعنى : خير من مشركة ، أي : من حرة مشركة ، فحذف الموصوف لدلالة مقابله عليه ، وهو أمة ، وقيل : الأمة هنا بمعنى المرأة ، فيشمل الحرّة والرقيقة ، ومنه : «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». وهذا قول الضحاك : ولم يذكر الزمخشري غيره ، وفي هذا دليل على جواز نكاح الأمة المؤمنة ، ومفهوم الصفة يقتضي أنه لا يجوز نكاح الأمة الكافرة ، كتابية كانت أو غيرها ، وهذا مذهب مالك وغيره ؛ وأجاز أبو حنيفة وأصحابه نكاح الأمة المجوسية ، وفي الأمة المجوسية خلاف : مذهب مالك وجماعة أنه لا يجوز أن توطأ بنكاح ولا ملك ، وروي عن عطاء ، وعمرو بن دينار أنه لا بأس بنكاحها بملك اليمين ، وتأولا : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) على العقد لا على الأمة المشتراة ، واحتجّا بسبي أوطاس ، وأن الصحابة نكحوا الإماء منهم بملك اليمين.
قيل : وفي هذه الآية دليل لجواز نكاح القادر على طول الحرّة المسلمة للأمة المسلمة ، ووجه الاستدلال أن قوله : (خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ) معناه من : حرة مشركة ، وواجد طول الحرة المشركة واجد لطول الحرّة المسلمة ، لأنه لا يتفاوت الطولان بالنسبة إلى الإيمان والكفر ، فقدر المال المحتاج إليه في أهبة نكاحها سواء ، فيلزم من هذا أن واجد طول الحرة المسلمة يجوز له نكاح الأمة المسلمة وهذا استدلال لطيف.
وأمة : مبتدأ ، ومسوّغ جواز الابتداء الوصف ، و : خير ، خبر. وقد استدل بقوله خير ، على جواز نكاح المشركة لأن أفعل التفضيل يقتضي التشريك ، ويكون النهي أوّلا على سبيل الكراهة ، قالوا : والخيرية إنما تكون بين شيئين جائزين ، ولا حجة في ذلك ،