وقال محمد : يتصدّق بنصف دينار ، وقال أحمد : يتصدّق بدينار أو نصف دينار ، واستحسنه الطبري ، وهو قول الشافعي ببغداد.
وقالت فرقة من أهل الحديث : إن وطئ في الدم فدينار ، أو في انقطاعه فنصفه ، ونقل هذا القول ابن عطية عن الأوزاعي ، ونقل غيره عن الأوزاعي أنه إن وطئ وهي حائض يتصدّق بخمسين دينارا. وفي الترمذي عنه صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا كان دما أحمر فدينار ، وإن كان دما أصفر فنصف دينار».
(وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) قرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم في رواية أبي بكر ، والمفضل عنه : يطهرن بتشديد الطاء والهاء والفتح ، وأصله : يتطهرن ، وكذا هي في مصحف أبي ، وعبد الله. وقرأ الباقون من السبعة : يطهرن ، مضارع : طهر.
وفي مصحف أنس : ولا تقربوا النساء في محيضهن واعتزلوهنّ حتى يتطهرن. وينبغي أن يحمل هذا على التفسير لا على أنه قرآن لكثرة مخالفته السواد ، ورجح الفارسي : يطهرن ، بالتخفيف إذ هو ثلاثي مضاد لطمثت ، وهو ثلاثي. ورجح الطبري التشديد ، وقال : هي بمعنى تغتسلن لإجماع الجميع على أنه حرام على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر ، قال : وإنما الخلاف في الطهر ما هو. انتهى كلامه.
قيل : وقراءة التشديد معناها حتى يغتسلن ، وقراءة التخفيف معناها ينقطع دمهن قاله الزمخشري وغيره.
وفي كتاب ابن عطية : كل واحد من القراءتين يحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء ، وأن يراد بها انقطاع الدم وزوال أذاه ، قال : وما ذهب إليه الطبري من أن قراءة تشديد الطاء مضمنها الاغتسال ، وقراءة التخفيف مضمنها انقطاع الدم أمر غير لازم ، وكذلك ادعاؤه الإجماع أنه لا خلاف في كراهة الوطء قبل الاغتسال. انتهى ما في كتاب ابن عطية.
وقوله : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) هو كناية عن الجماع ، ومؤكد لقوله : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ).
وظاهر الاعتزال والقربان أنهما لا يتماسان ، ولكن بينت السنة أن اعتزال وقربان خاص ، ومن اختلافهم في أقل الحيض وأكثره يعرف اختلافهم في أقل الطهر وأكثره.
(فَإِذا تَطَهَّرْنَ) أي : اغتسلن بالماء ، قال ابن عطية : والخلاف في معناه كما تقدّم