قصدا إليها : ونفي الوحدة يدل على أنه لا إثم ولا كفارة ، فيضعف قول من قال : إنها تختص بالإثم ، ويفسر اللغو باليمين المكفرة ، وسئل الحسن عن اللغو ، والمسبية ذات الزوج ، فوثب الفرزدق وقال : أما سمعت ما قلت :
ولست بمأخوذ بشيء تقوله |
|
إذا لم تعمد عاقدات العزائم؟ |
وما قلت :
وذات حليل أنكحتنا رماحنا |
|
حلالا ، ولولا سبيها لم تطلق؟ |
فقال الحسن : ما اذكاك لولا حنثك.
باللغو : متعلق : بيؤاخذكم ، والباء سببية ، مثلها في (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) (١) (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) (٢). وفي أيمانكم ، متعلق بالفعل ، أو بالمصدر ، أو بمحذوف ، أي : كائنا في أيمانكم ، فيكون حالا ، ويقربه أنك لو جعلته في صلة : الذي ، ووصفت به اللغو لاستقام.
(وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) أي باليمين التي للقلب فيها كسب ، فكل يمين عقدها القلب فهي كسب له ؛ وكذلك فسر مجاهد الكسب بالعقد ، كآية المائدة (بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) (٣) ، وقال ابن عباس ، والنخعي : هو أن يحلف كاذبا أو على باطل ، وهي الغموس ؛ وقال زيد بن أسلم : هو أن يعقد الإشراك بقلبه إذا قال : هو مشرك إن فعل كذا ، وقال قتادة : بما تعمد القلب من المآثم. وهذا الذي ذكره تعالى : من المؤاخذة ، هو العقوبة في الآخرة إن كانت اليمين غموسا ، أو غير غموس وترك تكفيرها ، والعقوبة في الدنيا بإلزام الكفارة إن كانت مما تكفر.
واختلفوا في اليمين الغموس ، فقال مالك ، وجماعة : لا تكفر ، وهي أعظم ذنبا من ذلك. وقال عطاء ، وقتادة ، والربيع ، والشافعي : تكفر ، والكفارة مؤاخذة.
والغموس ما قصد الرجل في الحلف به الكذب ، وهي المصبورة ، سميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في الإثم ، ومصبورة لأن صبرها مغالبة وقوة عليها ، كما يصبر الحيوان للقتل والرمي.
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٦١.
(٢) سورة العنكبوت : ٢٩ / ٤٠.
(٣) سورة المائدة : ٥ / ٨٩.