يمضي قبل الأربعة الأشهر فليس بمول ، وكذلك كل ما يلزمه من حج أو طلاق أو عتق أو صلاة أو صدقة ، وخالف أبو حنيفة فيما إذا قال : إن وطئتك فعليّ أن أصلي ركعتين أنه لا يكون موليا. وقال محمد : يكون موليا.
وذكر بعض المفسرين هنا فروعا كثيرة في الإيلاء ، وإنما نذكر نحن ما له بعض تعلق بالقرآن على عادتنا ، وليس التفسير موضوعا لاستقراء جزئيات الفروع ، وظاهر قوله : للذين يؤلون ، حصول اليمين منهم ، سواء حلف أن لا يطأ في موضع معين ، أو مطلقا ، وبه قال ابن أبي ليلى ، وإسحاق ، وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأصحابهم ، والأوزاعي ، وأحمد : لا يكون موليا من حلف أن لا يطأ زوجته في هذا البيت أو في هذه الدار فإن حلف أن لا يطأها في مصره أو بلده فهو مول عند مالك.
ولا يدخل الذمي في قوله : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ) لقوله (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وبه قال مالك ، كما لا يصح ظهار. وقال أبو حنيفة إن حلف باسم من أسماء الله تعالى ، أو بصفة من صفاته ، أو حلف بما يصح منه كالطلاق ، فهو مول ؛ ولو استثنى المولي في يمينه فالجمهور على أنه لا يكون موليا كسائر الأيمان المقرونة بالاستثناء ؛ وقال ابن القاسم ، عن مالك : يكون موليا ، لكنه لو وطأ فلا كفارة عليه ، وقاله ابن الماجشون في (المبسوط) عن مالك : لا يكون موليا.
(تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) هذا من باب إضافة المصدر إلى ما هو ظرف زمان في الأصل ، لكنه اتسع فيه فصير مفعولا به ، ولذلك صحت الإضافة إليه ، وكان الأصل : تربصهم أربعة أشهر ، وليست الإضافة إلى الظرف من غير اتساع ، فتكون الإضافة على تقدير : في ، خلافا لمن ذهب إلى ذلك.
وظاهر هذا ، أن ابتداء أجل الإيلاء من وقت حلف لا من وقت المخاصمة والرفع إلى الحاكم ، قيل : وحكمه ضرب أربعة أشهر ، لأنه غالب ما تصبر المرأة فيها عن الزوج ، وقصة عمر مشهور في سماع المرأة تنشد بالليل :
ألا طال هذا الليل واسود جانبه |
|
وأرقني أن لا حبيب ألاعبه. |
وسؤاله : كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقيل له : لا تصبر أكثر من أربعة أشهر. فجعل ذلك أمدا لكل سرية يبعثها.
(فَإِنْ فاؤُ) أي : رجعوا بالوطء ، قاله ابن عباس ، والجمهور ، ويكفي من ذلك عند