الجمهور مغيب الحشفة للقادر ، فإن كان له عذر أو مرض أو سجن أو شبه ذلك ، فارتجاعه صحيح ، وهي امرأته ، وإن زال عذره فأبى الوطء فرق بينهما إن كانت المدة قد انقضت ، قاله مالك في (المدونة) و (المبسوط). وقال الحسن ، والنخعي ، وعكرمة ، والأوزاعي : يجزي المعذور أن يشهد على فيأته بقلبه ، وقال النخعي أيضا : يصح الفيء بالقول ، والإشهاد فقط ، ويسقط حكم الإيلاء إذا رأيت أن لم ينتشر ، وقيل : الفيء هو الرضى ، وقيل : الرجوع باللسان بكل حال ، قاله أبو قلابة ، وإبراهيم ، ومن قال : إن المولي هو الحالف على مساءة زوجته ؛ وقال أحمد : إذا كان له عذر يفيء بقلبه ، وقال ابن جبير ، وابن المسيب ، وطائفة : الفيء لا يكون إلا بالجماع في حال القدرة وغيرها ، من سجن أو سفر أو مرض وغيره.
وأمال : فاؤا ، جرية بن عائذ لقوله : فئت ، وقرأ عبد الله فإن فاؤا فيهنّ ، وقرأ أبي : فان فاؤا فيها ، وروي عنه : فيهنّ ، كقراءة عبد الله. والضمير عائد على الأشهر ، ويؤيد هذه القراءة مذهب أبي حنيفة : بأن الفيئة لا تكون إلّا في الأشهر ، وإن لم يفىء فيها دخل عليه الطلاق من غير أن يوقف بعد مضي الأربعة الأشهر ، وإلى هذا ذهب : ابن مسعود ، وابن عباس ، وعثمان بن عفان ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، وجابر بن زيد ، والحسن ، ومسروق ؛ وقال عمر ، وعثمان ، وعلي أيضا ، وأبو الدرداء ، وابن عمر ، وابن عامر المسيب ، ومجاهد ، وطاووس ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد : إذا انقضت الأربعة الأشهر وقف ، فأما قاء وإلا طلق عليه ؛ والقراءة المتواترة : فإن فاؤا بغيرهنّ ، ولا فيها ، فاحتمل أن يكون التقدير : فإن فاؤا في الأشهر ، واحتمل أن يكون : فإن فاؤا بعد انقضائها.
(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) استدل بهذا من قال : إنه إذا فاء المولي ووطأ فلا كفارة عليه في يمينه ، وإلى هذا ذهب الحسن ، وإبراهيم ؛ وذهب الجمهور مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأصحابهم إلى إيجاب كفارة اليمين على المولي بجماع امرأته ، فيكون الغفران هنا إشعارا بإسقاط الإثم بفعل الكفارة ، وهو قول علي ، وابن عباس ، وابن المسيب : إنه غفران الإثم ، وعليه كفارة ، وعلى المذهب الذي قبله يكون بإسقاط الكفارة ، وقال أبو حنيفة : ولا كفارة على العاجز عن الوطء إذا فاء ، وقال إسحاق : قال بعض أهل التأويل فيمن حلف على بر أو تقوى ، أو باب من أبواب الخير أن لا يفعله أنه يفعله ، ولا كفارة عليه ، والحجة له ، (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ولم يذكر كفارة ، وقيل : معنى ذلك غفور لمآثم اليمين ، رحيم في ترخيص المخرج منها بالتكفير ، قاله ابن زياد ، وهو راجع