هي طلقة بائنة لا رجعة له فيها وقال ابن المسيب ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، ومكحول ، والزهري ، ومالك ، وابن شبرمة : هي رجعية.
وفي الحكم للمولي بأحد الأمرين ، إما الفيئة ، وإما الطلاق دليل على أنه لا يجوز تقديم الكفارة في الإيلاء قبل الفيء على قول من يوجب الكفارة ، لأنه لو جاز ذلك لبطل الإيلاء بغير فيء ولا عزيمة طلاق ، لأنه إن حنث لم يلزم بالحنث شيء ، ومتى لم يلزم الحالف بالحنث شيء لم يكن موليا ، ففي جواز تقديم الكفارة إسقاط حكم الإيلاء ، قاله محمد بن الحسن ، ومذهب أبي حنيفة ومشهور مذهب مالك : أنه يجوز تقديم الكفارة. وقال الزمخشري : وإن عزموا الطلاق فتربصوا إلى مضي المدة. فإن الله سميع عليم ، وعيد على إصرارهم وتركهم الفيئة ، وعلى قول الشافعي معناه : فإن فاؤا فإن الله غفور رحيم ، وإن عزموا بعد مضي المدة. انتهى.
وكان قد تقدّم في تفسير قوله : فإن فاؤا ، ما نصه فإن فاؤا في الأشهر ، بدليل قراءة عبد الله ، فإن فاؤا فيهنّ فإن الله غفور رحيم ، يغفر للمؤمنين ما عسى يقدمون عليه من طلب ضرار النساء بالإيلاء ، وهو الغالب ، وإن كان يجوز أن يكون على رضى منهن ، خوفا على الولد من الغيل ، أو لبعض الأسباب لأجل الفيئة التي هي مثل التوبة ، فنزل الزمخشري الآية على مذهب أبي حنيفة ، وغاير بين متعلق الفعلين من الطرفين ، إذ جعل بعد : فاؤا ، في مدة الأشهر ، وبعد : عزموا ، بعد مضي المدة ، والذي يدل عليه ظاهر اللفظ أن الفيئة والعزم على الطلاق لا يكونان إلا بعد مضي الأشهر ، ولما أحسّ الزمخشري بهذا اعترض على نفسه فقال : فإن قلت : كيف موقع الفاء إذا كانت الفيئة قبل انتهاء مدة التربص؟ قلت : موقع صحيح ، لأن قوله : فإن فاؤا ، وإن عزموا ، تفصيل لقوله : للذين يؤلون من نسائهم ، والتفصيل يعقب المفصل ، كما تقول : أنا نزيلكم هذا الشهر فإن أحمدتكم أقمت عندكم ، إلى آخره. وإلّا لم أقم إلّا ريثما أتحول. انتهى كلامه. وليس بصحيح لأن ما مثل به ليس مطابقا لما في الآية ، ألا ترى أن المثال فيه إخبار عن المفصل حاله ، وهو قوله : أنا نزيلكم هذا الشهر ، وما بعد الشرطين مصرح فيه بالجواب الدال على اختلاف متعلق فعل الجزاء ، والآية ليس كذلك التركيب فيها ، لأن الذين يؤلون ليس مخبرا عنهم ، ولا مسندا إليهم حكم ، وإنما المخبر عنه هو : تربصهم ، فالمعنى تربص المولي أربعة أشهر مشروع لهم بعد إيلائهم ، ثم قال : فإن فاؤا ، وإن عزموا ، فالظاهر أنه يعقب