بالإنفاق وغيره ، وإن اشتركا في الاستمتاع ، قاله ابن إسحاق أو : بملك العصمة وإن الطلاق بيده ، قاله قتادة ، وابن زيد. أو : بما يمتاز منها كاللحية ، قاله مجاهد أو : بملك الرجعة أو بالإجابة إلى فراشه إذا دعاها ، وهذا داخل في القول الثاني : أو : بالعقل ، أو بالديانة ، أو بالشهادة ، أو بقوة العبادة ، أو بالذكورية ، أو لكون المرأة خلقت من الرجل ، أشار إليه ابن العربي : أو : بالسلامة من أذى الحيض والولادة والنفاس ، أو بالتزويج عليها والتسري ، وليس لها ذلك ، أو بكونه يعقل في الدية بخلافها ، أو بكونه إماما بخلافها.
وقال ابن عباس : تلك الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة والتوسع للنساء في المال والخلق ، أي : إن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه. انتهى.
والذي يظهر أن الدرجة هي ما تريده النساء من البر والإكرام والطواعية والتبجيل في حق الرجال ، وذلك أنه لما قدّم أن على كل واحد من الزوجين للآخر مثل ما للآخر عليه ، اقتضى ذلك المماثلة ، فبين أنهما ، وإن تماثلا في ما على كل واحد منهما للآخر ، فعليهن مزيد إكرام وتعظيم لرجالهنّ ، وأشار إلى العلة في ذلك : وهو كونه رجلا يغالب الشدائد والأهوال ، ويسعى دائما في مصالح زوجته ، ويكفيها تعب الاكتساب ، فبازاء ذلك صار عليهنّ درجة للرجل في مبالغة الطواعية ، وفيما يفضي إلى الاستراحة عندها.
وملخص ما قاله المفسرون ، يقتضي أن للرجل درجة تقتضي التفضيل.
و : درجة ، مبتدأ ، و : للرجل ، خبره ، وهو خبر مسوغ لجواز الابتداء بالنكرة ، و : عليهن ، متعلق بما تعلق به الخبر من الكينونة والاستقرار ، وجوّزوا أن يكون : عليهنّ ، في موضع نصب على الحال ، لجواز أنه لو تأخر لكان وصفا للنكرة ، فلما تقدّم انتصب على الحال ، فتعلق إذ ذاك بمحذوف وهو غير العامل في الخبر ، ونظيره : في الدار قائما رجل ، كان أصله : رجل قائم ، ولا يجوز أن يكون : عليهن ، الخبر ، و : للرجال ، في موضع الحال ، لأن العامل في الحال إذ ذاك معنوي ، وقد تقدّمت على جزأي الجملة ، ولا يجوز ذلك ، ونظيره : قائما في الدار زيد. وهو ممنوع لا ضعيف كما زعم بعضهم ، فلو توسطت الحال وتأخر الخبر ، نحو : زيد قائما في الدار ، فهذه مسألة الخلاف بيننا وبين أبي الحسن ، أبو الحسن يجيزها ، وغيره يمنعها.
(وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) تقدّم تفسير هذين الوصفين ، وختم الآية بهما لأنه تضمنت الآية ما معناه الأمر في قوله : يتربصنّ ، والنهي في قول : ولا يحل لهنّ ، والجواز في قوله :