سيبويه ، والكسائي ، ونصب عند غيرهما ، لأنه لما حذف الجار المقدر وصل الفعل إلى المفعول الثاني ، مثل : استغفر الله ذنبا ، وأمرتك الخير. انتهى كلامه. وهو نص كلام أبي علي الفارسي نقله من كتابه ، إلا التنظير باستغفر ، وليس بصحيح تنظير ابن عطية خاف باستغفر ، لأن خاف لا يتعدى إلى اثنين ، كاستغفر الله ، ولم يذكر ذلك النحويون حين عدوا ما يتعدى إلى اثنين ، وأصل أحدهما بحرف الجر ، بل إذا جاء : خفت زيدا ضربه عمرا ، كان ذلك بدلا ، إذ : من ضربه عمرا كان مفعولا من أجله ، ولا يفهم ذلك على أنه مفعول ثان ، وقد وهم ابن عطية في نسبة أن الموضع خفض في مذهب سيبويه ، والذي نقله أبو علي وغيره أن مذهب سيبويه أن الموضع بعد الحذف نصب ، وبه قال الفراء ، وأن مذهب الخليل أنه جر ، وبه قال الكسائي. وقدّر غير ابن عطية ذلك الحرف المحذوف : على ، فقال : والتقدير إلّا أن يخافا على أن يقيما ، فعلى هذا يمكن أن يصح قول أبي علي وفيه بعد. وقد طعن في هذه القراءة من لا يحسن توجيه كلام العرب ، وهي قراءة صحيحة مستقيمة في اللفظ وفي المعنى ، ويؤيدها قوله بعد : فإن خفتم ، فدل على أن الخوف المتوقع هو من غير الأزواج ، وقد اختار هذه القراءة أبو عبيد.
قال أبو جعفر الصفار : ما علمت في اختيار حمزة أبعد من هذا الحرف لأنه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى ، أما الإعراب فإن يحتج له بقراءة عبد الله بن مسعود : إلّا أن يخافوا أن لا يقيموا ، فهو في العربية إذ ذاك لما لم يسم فاعله ، فكان ينبغي أن لو قيل إلّا أن يخافا أن لا يقيما؟ وقد احتج الفراء لحمزة ، وقال : إنه اعتبر قراءة عبد الله : إلّا أن يخافوا ، وخطأه أبو علي ، وقال : لم يصب ، لأن الخوف في قراءة عبد الله واقع على : أن ؛ وفي قراءة حمزة واقع على الرجل والمرأة ، وأما اللفظ فإن كان صحيحا فالواجب أن يقال : فإن خيفا ، وإن كان على لفظ : فإن ، وجب أن يقال إلّا أن يخافوا. وأما المعنى فإنه يبعد أن يقال : لا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهنّ شيئا إلّا أن يخاف غيركم ، ولم يقل جل وعزّ : فلا جناح عليكم أن تأخذوا له منها فدية ، فيكون الخلع إلى السلطان ، وقد صح عن عمر وعثمان أنهما أجازا الخلع بغير سلطان. انتهى كلام الصفار ، وما ذكره لا يلزم ، وتوجيه قراءة الضم ظاهر ، لأنه لما قال : ولا يحل لكم وجب على الحكام منه من أراد أن يأخذ شيئا من ذلك ، ثم قال : إلّا أن يخافا ، فالضمير للزوجين ، والخائف محذوف وهم : الولاة والحكام والتقدير : إلّا أن يخاف الأولياء الزوجين أن لا يقيما حدود الله ، فيجوز الافتداء ، وتقدم تفسير الخوف هنا.