(فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (١) أو : ولا شفاعة إلّا بإذن الله ، قال تعالى : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) (٢) وقال : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (٣) فعلى الخصوص بالكفار لا شفاعة لهم ولا منهم ، وعلى تأويل الإذن : لا شفاعة للمؤمنين إلّا بإذنه. وقيل : المراد العموم ، والمعنى أن انتداب الشافع وتحكمه على كره المشفوع عنده لا يكون يوم القيام البتة ، وأما الشفاعة التي توجد بالإذن من الله تعالى فحقيقتها رحمة الله ، لكن شرف تعالى الذي أذن له في أن يشفع.
وقد تعلق بقوله : ولا شفاعة ، منكرو الشفاعة ، واعتقدوا أن هذا نفي لأصل الشفاعة ، وقد أثبتت الشفاعة في الآخرة مشروطة بإذن الله ورضاه ، وصح حديث الشفاعة الذين تلقته الأمّة بالقبول ، فلا التفات لمن أنكر ذلك.
وقرأ ابن كثير ، ويعقوب ، وأبو عمرو : بفتح الثلاثة من غير تنوين ، وكذلك : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) (٤) في إبراهيم و : (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) (٥) في الطور وقرأ الباقون جميع ذلك بالرفع والتنوين ، وقد تقدّم الكلام على إعراب الاسم بعد : لا ، مبنيا على الفتح ، ومرفوعا منونا ، فأغنى ذلك عن إعادته.
والجملة من قوله : لا بيع ، في موضع الصفة ، ويحتاج إلى إضمار التقدير : ولا شفاعة فيه ، فحذف لدلالة : فيه ، الأولى عليه.
(وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) يعني الجائرين الحدّ ، و : هم ، يحتمل أن يكون بدلا من : الكافرون ، وأن يكون مبتدأ ، وأن يكون فصلا. قال عطاء بن دينار : الحمد لله الذي قال : والكافرون ، ولم يقل : والظالمون هم الكافرون ، ولو نزل هكذا لكان قد حكم على كل ظالم ، وهو من يضع الشيء في غير موضعه ، بالكفر ، فلم يكن ليخلص من الكفر كل عاص إلّا من عصمه الله من العصيان.
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) هذه الآية تسمى آية الكرسي لذكره فيها ، وثبت في (صحيح مسلم) من حديث أبيّ أنها أعظم آية ، وفي (صحيح البخاري) من حديث أبي هريرة : أن قارئها إذا آوى إلى فراشه لن يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ١٠٠ و ١٠١.
(٢) سورة سبأ : ٣٤ / ٢٣.
(٣) سورة الأنبياء : ٢١ / ٢٨.
(٤) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣١.
(٥) سورة الطور : ٥٢ / ٢٣.