أن يكون بدل كل من كل ، لأن (مِائَةُ حَبَّةٍ) ليس نفس (سَبْعَ سَنابِلَ) ولا يصح أن يكون بدل بعض من كل ، لأنه لا ضمير في البدل يعود على المبدل منه ، وليس : (مِائَةُ حَبَّةٍ) بعضا من (سَبْعَ سَنابِلَ) لأن المظروف ليس بعضا من الظرف ، والسنبلة ظرف للحب. ألا ترى إلى قوله (فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ)؟ ولا يصح أن يكون بدل اشتمال لعدم عود الضمير من البدل على المبدل منه ، ولأن المشتمل على مائة حبة هو سنبلة من سبع سنابل ، إلّا إن قيل : المشتمل على المشتمل على الشيء هو مشتمل على ذلك الشيء ، والسنبلة مشتمل عليها سبع سنابل ، فالسبع مشتملة على حب السنبلة ، فإن قدرت في الكلام محذوفا. وهو : أنبتت حب سبع سنابل ، جاز أن يكون : (مِائَةُ حَبَّةٍ) بدل بعض من كل على حذف : حب ، وإقامة سبع مقامه.
وظاهر قوله : (مِائَةُ حَبَّةٍ) العدد المعروف ، ويحتمل أن يكون المراد به التكثير ، كأنه قيل : في كل سنبلة حب كثير ، لأن العرب تكثر بالمائة ، وتقدم لنا ذكر نحو ذلك في قوله (وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) (١).
قيل : وفي هذه الآية دلالة على أن اتخاذ الزرع من أعلى الحرف التي يتخذها الناس ، ولذلك ضرب الله به المثل في قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) الآية. وفي (صحيح مسلم). «ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة». وفي رواية أخرى. «وما رزىء فهو صدقة». وفي الترمذي : «التمسوا الرزق في خبايا الأرض» يعني : الزرع. وقال بعضهم ، وقد قال له رجل : دلني على عمل أعالجه ، فقال :
تتبع خبايا الأرض وادع مليكها |
|
لعلك يوما أن تجاب وترزقا |
والزراعة من فروض الكفاية ، فيجبر عليها بعض الناس إذا اتفقوا على تركها.
(وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) أي هذا التضعيف إذ لا تضعيف فوق سبعمائة ، وقيل : يضاعف أكثر من هذا العدد. وروي عن ابن عباس : أن التضعيف ينتهي لمن شاء الله إلى ألفي ألف. قال ابن عطية : وليس هذا بثابت الإسناد عنه. انتهى. وقال الضحاك : يضاعف إلى ألوف الألوف ، وخرّج أبو حاتم في صحيحه المسمى (بالتقاسيم والأنواع) عن ابن عمر
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٤٣.