(وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) (١) (وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا) (٢) أي : وقد كنتم ، و : قد قعدوا ، وقيل : معناه : ويصيبه ، فعطف الماضي على المضارع لوضعه موضعه. وقال الفراء : يجوز ذلك في : يود ، لأنه يتلقى مرة بأن ، ومرة بأو ، فجاز أن يقدر أحدهما مكان الآخر. قال الزمخشري : وقيل ، يقال : وددت لو كان كذا ، فحمل العطف على المعنى ، كأنه قيل : أيود أحدكم لو كانت له جنة ، وأصابه الكبر؟ انتهى.
وظاهر كلامه أن يكون : وأصابه ، معطوفا على متعلق : أيود ، وهو : أن تكون ، لأنه في معنى : لو كانت ، إذ يقال : أيود أحدكم لو كانت؟ وهذا ليس بشيء ، لأنه ممتنع من حيث : أن يكون ، معطوفا على : كانت ، التي قبلها لو ، لأنه متعلق الود ، وأما : وأصابه الكبر ، فلا يمكن أن يكون متعلق الود ، لأن إصابة الكبر لا يوده أحد ، ولا يتمناه ، لكن يحمل قول الزمخشري على أنه : لما كان : أيود ، استفهاما ، معناه الإنكار ، جعل متعلق الودادة الجمع بين الشيئين ، وهما كون جنة له ، وإصابة الكبر إياه ، لا أن كل واحد منهما يكون مودودا على انفراده ، وإنما أنكر وداده الجمع بينهما ، وفي لفظ الإصابة معنى التأثير ، وهو أبلغ من : وكبر ، وكذلك : بربوة أصابها وابل ، وعليه تراب فأصابه وابل ، ولم يأت : وبلت ، ولا توبل.
والكبر الشيخوخة ، وعلو السن.
(وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ) وقرىء : ضعاف ، وكلاهما جمع : ضعيف ، كظريف وظرفاء. وظراف ، والمعنى ذرية صبية صغار ، ويحتمل أن يراد بضعفاء : محاويج.
(فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) قال فيه ، فأتى بالضمير مذكرا ، لأن الإعصار مذكر من سائر أسماء الرياح ، وارتفاع : نار ، على الفاعلية بالجار قبله ، أو : كائن فيه نار ، وفي العطف بالفاء في قوله : فأصابها إعصار ، دليل على أنها حين أزهت وحسنت للانتفاع بها أعقبها الإعصار.
(فَاحْتَرَقَتْ) هذا فعل مطاوع لأحرق ، كأنه قيل : فيه نار أحرقتها فاحترقت ، كقولهم : أنصفته فانتصف ، وأوقدته فاتقد. وهذه المطاوعة هي انفعال في المفعول يكون له قابلية للواقع به ، فيتأثر له.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٨.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٦٨.