أربد به العموم ، وحمل على اللفظ في قوله : آمن ، فأفرد كقوله (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (١).
وقرأ يحيي بن يعمر : وكتبه ورسله ، بإسكان التاء والسين ، وروي ذلك عن نافع. وقرأ الحسن : ورسله ، بإسكان السين ، وهي رواية عن أبي عمرو وقرأ عبد الله : وكتابه ولقائه ورسله.
(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) قرأ الجمهور بالنون ، وقدره : يقولون لا نفرق ، ويجوز أن يكون التقدير : يقول لا نفرق ، لأنه يخبر عن نفسه. وعن غيره ، فيكون : يقول ، على اللفظ ، و : يقولون ، على المعنى بعد الحمل على اللفظ ، وعلى كلا التقديرين فموضع هذا المقدر نصب على الحال ، وجوّز الحوفي وغيره أن يكون خبرا بعد خبر لكل.
وقرأ ابن جبير ، وابن يعمر ، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير ، ويعقوب ، ونص رواة أبي عمرو : لا يفرق ، بالياء على لفظ : كل.
قال هارون : وهي في مصحف أبيّ ، وابن مسعود : لا يفرقون ، حمل على معنى : كل بعد الحمل على اللفظ ، والمعنى : أنهم ليسوا كاليهود والنصارى يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض.
والمقصود من هذا الكلام إثبات النبوّة ، وهو ظهور المعجزة على وفق الدعوى فاختصاص بعض دون بعض متناقض ، لا ما ادعاه بعضهم من أن المقصود هو عدم التفضيل بينهم ، و : أحد ، هنا هي المختصة بالنفي ، وما أشبهه؟ فهي للعموم ، فلذلك دخلت : من ، عليها كقوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (٢) والمعنى بين آحادهم. قال الشاعر :
إذا أمور الناس ديكت دوكا |
|
لا يرهبون أحدا رأوكا |
قال بعضهم : وأحد ، قيل : إنه بمعنى جميع ، والتقدير : بين جميع رسله ، ويبعد عندي هذا التقدير ، لأنه لا ينافي كونهم مفرقين بين بعض الرسل. والمقصود بالنفي هو هذا ، لأن اليهود والنصارى ما كانوا يفرقون بين كل الرسل ، بل البعض ، وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ، فثبت أن التأويل الذي ذكره باطل ، بل معنى الآية : لا يفرق أحد من رسله وبين غيره في النبوّة. انتهى. وفيه
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٨٤.
(٢) سورة الحاقة : ٦٩ / ٤٧.