زيدا. هذا في الصناعة هو المفعول ، وإن كان أصله : ما أعطيت زيدا شيئا إلّا درهما. و : ما ضربت أحدا إلّا زيدا.
وقرأ ابن أبي عبلة : (إِلَّا وُسْعَها) جعله فعلا ماضيا. وأولوه على إضمار : ما ، الموصولة ، وعلى هذا يكون الموصول المفعول الثاني ليكلف ، كما أن وسعها في قراءة الجمهور هو المفعول الثاني ، وفيه ضعف من حيث حذف الموصول دون أن يدل عليه موصول آخر يقابله ، كقول حسان :
فمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه وينصره سواء |
أي : ومن ينصره ، فحذف : من ، لدلالة : من ، المتقدّمة. وينبغي أن لا يقاس حذف الموصول ، لأنه وصلته كالجزء الواحد ، ويجوز أن يكون مفعول : يكلف ، الثاني محذوفا ، لفهم المعنى ، ويكون : وسعها ، جملة في موضع الحال ، التقدير : لا يكلف الله نفسا شيئا إلّا وسعها ، أي : وقد وسعها ، وهذا التقدير أولى من حذف الموصول.
قال ابن عطية : وهذا يشير إلى قراءة ابن أبي عبلة ، فيه تجوز لأنه مقلوب ، وكان وجه اللفظ : إلّا وسعته. كما قال : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (١) (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) (٢) ولكن يجيء هذا من باب : أدخلت القلنسوة في رأسي ، وفي في الحجر. انتهى.
وتكلم ابن عطية هنا في تكليف ما لا يطاق ، وهي مسألة يبحث فيها في أصول الدين ، والذي يدل عليه ظاهر الآية أنه غير واقع.
(لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ). أي : ما كسبت من الحسنات واكتسبت من السيئات ، قاله السدي ، وجماعة المفسرين ، لا خلاف في ذلك. والخواطر ليست من كسب الإنسان ، والصحيح عند أهل اللغة أن الكسب والاكتساب واحد ، والقرآن ناطق بذلك. قال الله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (٣) وقال : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) (٤) وقال : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) (٥) وقال : (بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) (٦).
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٥.
(٢) سورة طه : ٢٠ / ٩٨.
(٣) سورة المدثر : ٧٤ / ٣٨.
(٤) سورة الأنعام : ٦ / ١٦٤.
(٥) سورة البقرة : ٢ / ٨١.
(٦) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٨.