أفلاك ، يجمعها الفلك المحيط. وقد صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أطت السماء وحق لها أن تئط ، ليس فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد». وصح أيضا : «أن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفا ، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة». وآية الأرض : بسطها ، لا دعامة من تحتها ولا علائق من فوقها ، وأنهارها ومياهها وجبالها ورواسيها وشجرها وسهلها ووعرها ومعادنها ، واختصاص كل موضع منها بما هيىء له ، ومنافع نباتها ومضارها. وذكر أرباب الهيئة أن الأرض نقطة في وسط الدائرة ليس لها جهة ، وأن البحار محيطة بها ، والهواء محيط بالماء ، والنار محيطة بالهواء ، والأفلاك وراء ذلك. وقد ذكر القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني في كتابه المعروف (بالدقائق) خلافا عن الناس المتقدمين : هل الأرض واقفة أم متحركة؟ وفي كل قول من هذين مذاهب كثيرة في السبب الموجب لوقوفها ، أو لتحركها. وكذلك تكلموا على جرم السموات ولونها وعظمها وأبراجها ، وذكر مذاهب للمنجمين والمانوية ، وتخاليط كثيرة. والذي تكلم عليه أهل الهيئة هو شيء استدلوا عليه بعقولهم ، وليس في الشرع شيء من ذلك. والمعتمد عليه أن هذه الأشياء لا يعلم حقيقة خلقها إلا الله تعالى ، ومن أطلعه الله على شيء منها بالوحي (أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (١) ، (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (٢).
(وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) : اختلافهما بإقبال هذا وإدبار هذا ، أو اختلافهما بالأوصاف في النور والظلمة ، والطول والقصر ، أو تساويهما ، قاله ابن كيسان. وقدم الليل على النهار لسبقه في الخلق ، قال تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (٣). وقال قوم : إن النور سابق على الظلمة ، وعلى هذا الخلاف انبنى الخلاف في ليلة اليوم. فعلى القول الأول : تكون ليلة اليوم هي التي قبله ، وهو قول الجمهور ؛ وعلى القول الثاني : ليلة اليوم هي الليلة التي تليه ، وكذلك ينبني على اختلافهم في النهار ، اختلافهم في مسألة : لو حلف لا يكلم زيدا نهارا.
(وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) : أول من عمل الفلك نوح ، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام ، وقال له جبريل عليهالسلام : ضعها على جؤجؤ الطائر. فالسفينة طائر مقلوب ، والماء في أسفلها نظير الهواء في أعلاها ، قاله أبو بكر بن العربي. وآيتها تسخير الله إياها حتى تجري على وجه الماء ، ووقوفها فوقه مع ثقلها وتبليغها المقاصد. ولو رميت
__________________
(١) سورة الطلاق : ٦٥ / ١١.
(٢) سورة الجن : ٧٢ / ٢٨.
(٣) سورة يس : ٣٦ / ٣٧.