بقيت وفري وانحرفت عن العلى |
|
ولقيت أضيافي بوجه عبوس |
لأنه علق ذلك على مستقبل ، وهو قوله :
إن لم أشن على ابن هند غارة |
|
لم تخل يوما من نهاب نفوس |
وحذف جواب لو ، لفهم المعنى ، كثير في القرآن ، وفي لسان العرب. قال تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) (١) ، (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) (٢) ، (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) (٣) ، وقال امرؤ القيس :
وجدك لو شيء أتانا رسوله |
|
سواك ولكن لم نجد لك مدفعا |
هذا ما يقتضيه البحث في هذه الآية من جهة الإعراب ، ونحن نذكر من كلام المفسرين فيها. قال عطاء : المعنى : ولو يرى الذين ظلموا يوم القيامة ، إذ يرون العذاب حين تخرج إليهم جهنم من مسيرة خمسمائة عام تلتقطهم كما يلتقط الحمام الحبة ، لعلموا أن القوة والقدرة لله جميعا. وقيل : لو يعلمون في الدنيا ما يعلمونه ، إذ يرون العذاب ، لأقروا بأن القوّة لله جميعا ، أي لتبرأوا من الأنداد ، والثانية من رؤية العين. وقال التبريزي : لو اعتقدوا أن الله يقدر ويقوى على تعذيبهم يوم القيامة ، لامتنعوا عما يوجب الجزاء بالعذاب. وقال الزمخشري : ولو يعلم هؤلاء الذين ارتكبوا الظلم العظيم بشركهم ، أن القدرة كلها لله على كل شيء من العقاب والثواب دون أندادهم ، ويعلمون شدّة عقابه للظالمين ، إذ عاينوا العذاب يوم القيامة ، لكان منهم ما لا يدخل تحت الوصف من الندم والحسرة ووقوع العلم بظلمهم وضلالهم. انتهى كلامه. وحكى الراغب : أن بعضهم زعم أن القوة بدل من الذين ، قال : وهو ضعيف. انتهى. ويصير المعنى : ولو ترى قوة الله وقدرته على الذين ظلموا. وقال في المنتخب : قراءة الياء عند بعضهم أولى من قراءة التاء ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين قد علموا قدر ما يشاهده الكفار ويعاينونه من العذاب يوم القيامة ، أما المتوعدون فإنهم لم يعلموا ذلك ، فوجب إسناد الفعل إليهم. انتهى. ولا فرق عندنا بين القراءتين ، أعني التاء والياء ، لأنهما متواترتان. وانتصاب جميعا على الحال من الضمير المستكن في العامل في الجار والمجرور. والقوة هنا مصدر أريد به الجنس ، التقدير : أن القوى مستقرة لله جميعا ، ولا يجوز أن تكون حالا من القوة ، لأن العامل في القوة أن ، وأن لا تعمل في
__________________
(١) سورة سبأ : ٣٤ / ٥١.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٢٧.
(٣) سورة الرعد : ١٣ / ٣١.