وأما لماذا ينكرون : أن يكون ذلك بالروح والجسد معا ؛ فهو إما لعدم قدرتهم على تعقل ذلك ، أو لأجل الحط من كرامة النبي «صلى الله عليه وآله» كما تقدم في المدخل لدراسة السيرة ، أو لعدم قدرتهم على إقناع الناس بأمر مبهم كهذا.
الإسراء والمعراج في القرآن :
إنه لو صح التفريق بين الإسراء والمعراج ، لقلنا :
إننا نؤمن بالإسراء استنادا إلى قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا)(١) .. فمحط النظر في الآية هو بيان الإسراء فقط.
لكن الحقيقة هي : أن المراد بالإسراء هو السير بالليل سواء كان سيرا صعوديا أو أفقيا ، فالآية ناظرة إلى المعراج كما أظهرته الروايات التي ذكرت أن المسجد الأقصى في السماء ، وقد شرحنا ذلك بشيء من التفصيل في كتابنا المسجد الأقصى أين؟!
وبذلك يكون المعراج قد ذكر في القرآن صراحة ، وقد يقال : إنه قد ذكر صراحة أيضا في آيات سورة النجم وهي قوله تعالى : (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ، وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ، ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى ، فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ، فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ، ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى)(٢) ، إن قلنا إن الضمير فيها يرجع إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، لا إلى ذي المرة ، الذي هو جبرئيل.
__________________
(١) الآية ١ من سورة الإسراء.
(٢) الآيات ٦ إلى ١١ من سورة النجم.