أضف إلى ذلك كله : أنه بعد أن يصبح الإنسان رجلا عاقلا وكاملا ، فإنه لا يبقى بحاجة إلى ولي يدبر شؤونه ، بل يستقل هو نفسه في ذلك ، وعلى هذا ، فلا يبقى للولي وللخليفة معنى ، إذا كان هذا هو المراد.
ونشير هنا : إلى أن الدواعي كانت متوفرة لتحريف هذه الواقعة ، وجعلها خاصة بالخلافة على الأهل ، ولا تشمل الخلافة العامة التي هي موضع الأخذ والرد كما هو معلوم.
ج ـ لماذا تخصيص العشيرة بالدعوة؟! :
هذا ولا يخفى : أن الاهتمام بدعوة عشيرته الأقربين كان خير وسيلة لتثبيت دعائم دعوته ، ونشر رسالته ؛ لأن الإصلاح يجب أن يبدأ من الداخل ، حتى إذا ما استجاب له أهله وقومه ، اتجه إلى غيرهم بقدم ثابتة ، وعزم راسخ ومطمئن.
كما أن دعوته لهم سوف تمنحه الفرصة لاكتشاف عوامل الضعف والقوة في البنية الداخلية ، من حيث ارتباطاته وعلاقاته الطبيعية ، وليعرف مقدار الدعم الذي سوف يلاقيه ؛ فيقدر مواقفه ، وإقدامه ، وإحجامه على أساسه.
أضف إلى ذلك : أنه حين يبدأ بالأقربين من عشيرته ، ولا يبدو أنه على استعداد لتقديم أي تنازل أو مساومة حتى بالنسبة إلى هؤلاء ، فإن معنى ذلك هو أن على الآخرين أن يقتنعوا بأنه منسجم مع نفسه ، ومقتنع بصحة ما جاء به ، ويريد لأحب الناس إليه ، الذين لا يريد لهم إلا الخير ، أن يكونوا في طليعة المؤمنين الذين يضحون بكل غال ونفيس في سبيل هذا الدين.
وقد رأينا : أن النصارى قد تنبهوا إلى ذلك في قضية المباهلة ، فراجع.
ومن الجهة الأخرى : فإنه يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على أساس قبلي